اخبار عربية

برنامج ” ليلي الهمامي ” يعيد الأمل للتونسيين بخلق الثروة وتحسين ظروف الحياة

تضع‭ ‬د‭. ‬ليلى‭ ‬الهمامي‭ ‬الأستاذة‭ ‬الجامعية‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والعلوم‭ ‬السياسية‭ ‬والباحثة‭ ‬لدى‭ ‬مؤسسات‭ ‬دولية،‭ ‬نفسها‭ ‬خارج‭ ‬صراعات‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬لكنها‭ ‬تغامر‭ ‬بدخول‭ ‬المعترك‭ ‬السياسي‭ ‬التونسي‭ ‬الساخن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ترشيحها‭ ‬للانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬حاملة‭ ‬جعبة‭ ‬من‭ ‬الحلول‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬أفكار‭ ‬سياسية‭ ‬،‭ ‬فيما‭ ‬ترى‭ ‬ان‭   ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬شتاء‭ ‬2010‭ – ‬2011‭ ‬انتفاضة‭ ‬بدوافع‭ ‬اجتماعية‭ ‬استثمرتها‭ ‬النخب‭ ‬السياسية‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬أجنبية‭. ‬وفي‭ ‬وسط‭ ‬سياسي‭ ‬صعب‭ ‬ومتداخل،‭ ‬ووجود‭ ‬رئيس‭ ‬قوي‭ ‬ويتمتع‭ ‬بحضور‭ ‬نافذ،‭ ‬تعلن‭ ‬الهمامي‭ ‬عن‭ ‬برنامجها‭ ‬الانتخابي‭ ‬وكان‭ ‬للزمان‭ ‬معها‭ ‬الحوار‭ ‬التالي‭ :‬

ما‭ ‬هي‭ ‬الاسباب‭ ‬التي‭ ‬دفعتك‭ ‬للترشح‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬المقبلة‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬حظوظك‭ ‬للفوز‭ ‬بها؟‮ ‬

الواقع‭ ‬ان‭ ‬موضوع‭ ‬الترشح‭ ‬للانتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬ليس‭ ‬بجديد‭ ‬في‭ ‬اهتمامي‭ ‬وفي‭ ‬قراري‭ ‬وانما‭ ‬ما‭ ‬دفعني‭ ‬الى‭ ‬تحيين‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬آلت‭ ‬اليه‭ ‬الاوضاع‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬تأزم‭ ‬مركّب‭ ‬شمل‭ ‬الابعاد‭ ‬الاربعة‭ ‬اي‭ ‬البعد‭ ‬الخارجي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والسياسي‭.‬

فبعد‭ ‬حالة‭ ‬الفوضى‭ ‬والتشظي‭ ‬التي‭ ‬عاشتها‭ ‬البلاد‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬سقوط‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬2011‭ ‬الى‭ ‬سنة‭ ‬2014‭ ‬وَمَأْسَسَةِ‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬دستور‭ ‬2014‭ (‬2014‭ -‬2021‭) ‬حيث‭ ‬ساد‭ ‬نزاع‭ ‬الصلاحيات،‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والساحة‭ ‬السياسية‭ . ‬وأبدًا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬اعلان‭ ‬الاجراءات‭ ‬الاستثنائية‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬2021‭ ‬تحولا‭ ‬نوعيا‭ ‬نحو‭ ‬الافضل‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬السياسي‭ ‬العام‭ ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬بن‭ ‬علي،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬استبدال‭ ‬فوضى‭ ‬النظام‭ ‬البرلماني‭ ‬بانغلاق‭ ‬الرئاسوية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ازمة‭ ‬مركبة‭ ‬محبطة‭ ‬اتسمت‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬انقسام‭ ‬الشارع‭ ‬واستبعاد‭ ‬ممنهج‭ ‬للنخبة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬باختلاف‭ ‬اقسامها‭.‬

اعتقادي‭ ‬جازم‭ ‬ان‭ ‬ادارة‭ ‬التناقض‭ ‬تحتاج‭ ‬لرؤية‭ ‬ديمقراطية‭ ‬تمكن‭ ‬الاغلبية‭ ‬من‭ ‬الحكم‭ ‬دون‭ ‬اي‭ ‬تسرع‭ ‬لاستبدادها‭.‬

‮ ‬لذلك‭ ‬جاء‭ ‬ترشحي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التاكيد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الاصلاح‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬الشامل‭ ‬ايمانا‭ ‬مني‭ ‬بأن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬هي‭ ‬المستقبل‭ ‬الوحيد‭ ‬لتونس‭ ‬وان‭ ‬ما‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬من‭ ‬تفتيت‭ ‬وتقسيم‭ ‬وتجريب‭ ‬بدائي‭ ‬لوصفات‭ ‬عبثية‭ ‬لشبه‭ ‬حلول‭ ‬اقتصادية‭ ‬على‭ ‬شاكله‭ ‬الشركات‭ ‬الاهلية،‭ ‬يدفعني‭ ‬الى‭ ‬اعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬للملف‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬أُهمِلَ‭ ‬تمامًا‭ ‬وأُسيئت‭ ‬ادارته،‭ ‬هذا‭ ‬علما‭ ‬وان‭ ‬تخصصي‭ ‬الأكاديمي‭ ‬والمهني‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدولي‭ ‬والمالية‭ ‬يدفعني‭ ‬بكل‭ ‬نزاهة‭ ‬فكرية‭ ‬الى‭ ‬اعتبار‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬هو‭ ‬بمثابه‭ ‬الكارثة‭ ‬الوطنية‭ ‬أو‭ ‬الجريمة‭.‬

حظوظي‭ ‬للفوز‭ ‬بالانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬2024‭ ‬حظوظ‭ ‬حقيقية‭ ‬ووافره‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬اعاقتي‭ ‬وعرقلة‭ ‬ترشحي‭ ‬باي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الاشكال‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬القائم،‭ ‬علما‭ ‬وان‭ ‬اشارات‭ ‬ملحة‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬تفيد‭ ‬ان‭ ‬ثمه‭ ‬اتجاه‭ ‬لتغيير‭ ‬القوانين‭ ‬المنظمة‭ ‬للحياة‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬قياس‭ ‬السلطة‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬القانون‭ ‬الانتخابي،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬بضعة‭ ‬اشهر‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭.‬

‭ ‬رغم‭ ‬انك‭ ‬لا‭ ‬تنتمين‭ ‬لتيار‭ ‬معين‭ ‬او‭ ‬حزب‭ ‬فهل‭ ‬هنالك‭ ‬تنسيق‭ ‬معين‭ ‬مع‭ ‬جهات‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬منظمات‭ ‬حقوقية‭ ‬او‭ ‬مجتمع‭ ‬مدني‭ ‬لدعم‭ ‬حملتك‭ ‬الانتخابية؟

كنت‭ ‬ولا‭ ‬أزال‭ ‬منفتحةً‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬وجمعيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والواقع‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬مستمر‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬نشطاء‭ ‬المجتمع‭ ‬السياسي‭ ‬والمدني‭ ‬لانني‭ ‬اومن‭ ‬باهمية‭ ‬التنوع‭ ‬والتعدد‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬تونس‭ ‬الجديدة‭ ‬واعتبر‭ ‬ان‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬بلادنا‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬توحيد‭ ‬مختلف‭ ‬مكوناته‭ ‬حول‭ ‬اهداف‭ ‬مشتركة‭ ‬بعد‭ ‬انسادها‭ ‬الانقسام‭ ‬والتفكك‭ ‬وانفرط‭ ‬عقدها‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬تمكنت‭ ‬فئه‭ ‬سياسيه‭ ‬من‭ ‬فردي‭ ‬اجندتها‭ ‬باساليب‭ ‬شعبوية‭.‬

هل‭ ‬ستطلبين‭ ‬رقابة‭ ‬منظمات‭ ‬حقوقية‭ ‬محلية‭ ‬او‭ ‬أجنبية‭ ‬لمراقبة‭ ‬تلك‭ ‬الانتخابات‭ ‬لعدم‭ ‬حدوث‭ ‬تدخلات‭ ‬او‭ ‬تزوير‭ ‬بها،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬حيادية‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬لاعطاء‭ ‬الفرصة‭ ‬لكافة‭ ‬المرشحين‭ ‬لشرح‭ ‬برنامجهم‭ ‬الانتخابي؟‮  ‬

المناخ‭ ‬السياسي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬اليوم‭ ‬يستوجب‭ ‬حضور‭ ‬ومراقبة‭ ‬الجمعيات‭ ‬والهيئات‭ ‬الدولية‭ ‬المختصة‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬الجمعيات‭ ‬التونسية‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬الانتخابات‭ ‬او‭ ‬المعنية‭ ‬بملف‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬والحقيقه‭ ‬ان‭ ‬المواعيد‭ ‬الانتخابيه‭ ‬السابقه‭ ‬كانت‭ ‬موضوع‭ ‬لتشكيك‭ ‬عديد‭ ‬الاطراف‭ ‬حتى‭ ‬وان‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الاطراف‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬محطه‭ ‬الى‭ ‬اخرى‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تخلف‭ ‬القضاء‭ ‬عن‭ ‬البث‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬الانتخابية‭.‬

ما‭ ‬هو‭ ‬برنامجك‭ ‬الانتخابي‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬تطرحينه‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬لاخراج‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬عثرتها؟

البرنامج‭ ‬الانتخابي‭ ‬يتناسب‭ ‬مفهوما‭ ‬ويتفق‭ ‬منهجيا‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬وصلاحيات‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬اصلاح‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬النقطة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬برنامجي‭ ‬بما‭ ‬انني‭ ‬اعارض‭ ‬صريح‭ ‬المعارضة‭ ‬دستور‭ ‬2014‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬اعارض‭ ‬بشدة‭ ‬دستور‭ ‬2021‭.‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬وايماني‭ ‬جازم‭ ‬بان‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬تونس‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬نظام‭ ‬رئاسي‭ ‬حقيقي‭ ‬متوازن‭ ‬يمكن‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬من‭ ‬رئاسة‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفيذي‭ ‬تحت‭ ‬رقابة‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬المتوفره‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬التعطيل‭ ‬مع‭ ‬اعتبار‭ ‬مسالةٍ‭ ‬اساسيةٍ‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬نظام‭ ‬ديمقراطي‭ ‬وهي‭ ‬استقلال‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية‭ ‬التي‭ ‬تتمظهر‭ ‬في‭ ‬اعلى‭ ‬مستوياتها‭ ‬في‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭.‬‮ ‬

‮ ‬المجال‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬برنامجي‭ ‬هو‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬المحور‭ ‬الاساسي‭ ‬في‭ ‬رؤيتي‭ ‬والحيوي‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭.‬‮ ‬

الاقتصاد‭ ‬النظري‭ ‬محكوم‭ ‬بمبادئ‭ ‬علمية‭ ‬تحدد‭ ‬نموذج‭ ‬انتاج‭ ‬الثروة‭ ‬ومنهجها‭ ‬وطريقة‭ ‬توزيعها‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬وبحسب‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬يتمّ‭ ‬تحديد‭ ‬المنوال‭ ‬الاقتصادي‭.‬‮ ‬

واعتقد‭ ‬ان‭ ‬التجربة‭ ‬التاريخية‭ ‬لمختلف‭ ‬الاقتصاديات‭ ‬اكدت‭ ‬جدارة‭ ‬النظام‭ ‬الليبرالي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لانني‭ ‬اعتبر‭ ‬ان‭ ‬اقتصاد‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى‭ ‬وديناميكية‭ ‬انتاج‭ ‬الثروة‭ ‬وتوزيعها‭ ‬وفق‭ ‬المجهود‭ ‬المبذول‭ ‬هو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الاكثر‭ ‬استقرارا‭ ‬والاكثر‭ ‬تماسكا‭ ‬وانتاجية‭ ‬واستدامة‭. ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يتلو‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الجباية‭ ‬او‭ ‬قوانين‭ ‬الاستثمار‭ ‬او‭ ‬اليات‭ ‬تمويل‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬هي‭ ‬نظم‭ ‬تتبع‭ ‬الخيارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الكبرى‭.‬‮ ‬

ما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬منذ‭ ‬خمسينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬الى‭ ‬اليوم‭ ‬ان‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬تنتقل‭ ‬من‭ ‬نمط‭ ‬اقتصادي‭ ‬الى‭ ‬اخر‭ ‬بعد‭ ‬كوارث‭ ‬اقتصادية‭ ‬وفواجع‭ ‬اجتماعية‭ ‬دون‭ ‬تقييم‭ ‬واضح‭ ‬وجديّ‭ ‬ودون‭ ‬مراقبة‭ ‬علمية‭ ‬دقيقة‭ ‬تحدد‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬المجتمع‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬وما‭ ‬يجب‭ ‬الغائه‭ ‬او‭ ‬اصلاحه‭.‬‮ ‬

هذا‭ ‬علما‭ ‬وان‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬الموسوم‭ ‬بهشاشة‭ ‬هيكلية‭ ‬اقتصاد‭ ‬قابل‭ ‬للادارة‭ ‬والتحكم‭ ‬فقط‭ ‬وفق‭ ‬المنوال‭ ‬الليبرالي‭ ‬باعتبار‭ ‬افتقاد‭ ‬البلاد‭ ‬للموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تشرع‭ ‬متى‭ ‬توفرت‭ ‬سياسات‭ ‬الانغلاق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬كما‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬تونس‭ ‬اليوم‭.‬‮ ‬

أما‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬البترولية‭ ‬والتي‭ ‬تمتلك‭ ‬الغاز‭ ‬،‭ ‬فمن‭ ‬الطبيعي‭ ‬امكانية‭ ‬ممارستها‭ ‬لاقتصاد‭ ‬احادي‭ ‬القرار‭ ‬ومضاد‭ ‬للتحررية‭ ‬تقوم‭ ‬فيه‭ ‬الدولة‭ ‬مقام‭ ‬الفاعل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المركزي‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬للجزائر‭ ‬وايران‭. ‬لكن‭ ‬تونس‭ ‬بلد‭ ‬منفتح‭ ‬بطبيعته‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬محمول‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬والسياحة‭ ‬والاستثمار‭ ‬الحر‭. ‬وتمثل‭ ‬الفلاحة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬منذ‭ ‬العهد‭ ‬القرطاجي‭ ‬الروماني‭ ‬تقليدا‭ ‬اساسيا‭ ‬يشكل‭ ‬الهوية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬التونسية‭ ‬وحرصي‭ ‬اكيد‭ ‬على‭ ‬اعادة‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الى‭ ‬موقعه‭ ‬الطبيعي‭ ‬والاساسي‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬مقبل‭ ‬على‭ ‬الجوع‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬امن‭ ‬قومي‭ ‬يمثل‭ ‬الغذاء‭ ‬فيه‭ ‬احدى‭ ‬ركائزه‭ ‬الاولى‭. ‬كما‭ ‬عاشت‭ ‬الانسانيه‭ ‬امتحان‭ ‬الجوع‭ ‬خلال‭ ‬ازمه‭ ‬الكوفيد‭.‬‮ ‬

ولعل‭ ‬اولى‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬اعتزم‭ ‬اتخاذها‭ ‬تتعلق‭ ‬باعفاء‭ ‬الفلاحين‭ ‬الصغار‭ ‬والمتوسطين‭ ‬من‭ ‬الاداءات‭ ‬والرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬المعدات‭ ‬الفلاحية‭ ‬المستورده‭. ‬واعتبر‭ ‬ان‭ ‬تسوية‭ ‬ملفات‭ ‬رجال‭ ‬الاعمال‭ ‬بالطرق‭ ‬المرنه‭ ‬دون‭ ‬تدمير‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ودون‭ ‬تنازل‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الدولة،‭ ‬اولوية‭ ‬مطلقة‭ ‬لانعاش‭ ‬الاستثمار‭ ‬وتنقيه‭ ‬مناخ‭ ‬الاعمال‭ ‬باعادة‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والفاعلين‭ ‬الاقتصاديين‭.‬‮ ‬

ايماني‭ ‬جازم‭ ‬بان‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لا‭ ‬يحتمل‭ ‬اجواء‭ ‬الحقد‭ ‬ومناخات‭ ‬التوجس‭ ‬وعدم‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬الساحه‭ ‬الاقتصاديه‭ ‬اليوم‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬انتفاضة‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬كانت‭ ‬البداية‭ ‬لثورات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬رفعتها‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬الاسباب‭ ‬التي‭ ‬ادت‭ ‬الى‭ ‬انحراف‭ ‬الثوره‭ ‬عن‭ ‬مسارها؟

انتفاضه‭ ‬شتاء‭ ‬2010‭ – ‬2011‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬ثورة‭ ‬بالمعنى‭ ‬الدقيق‭ ‬للكلمة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬انتفاضة‭ ‬بدوافع‭ ‬اجتماعية‭ ‬حاولت‭ ‬بعض‭ ‬النخب‭ ‬استثمارها‭ ‬لتمرير‭ ‬اجندات‭ ‬سياسية‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬اجنبية‭.‬‮ ‬

لا‭ ‬اتبنى‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انني‭ ‬اتفاعل‭ ‬كليا‭ ‬مع‭ ‬توق‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬وباقي‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬الى‭ ‬حرية‭ ‬سياسية‭ ‬وفكرية‭ ‬وتقدم‭ ‬اقتصادي‭ ‬واجتماعي‭.‬‮ ‬

وما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬يؤكد‭ ‬ان‭ ‬الامر‭ ‬لا‭ ‬علاقةَ‭ ‬له‭ ‬بثورةٍ‭ ‬حقيقية‭ ‬تحدد‭ ‬نظم‭ ‬الحكم‭ ‬والحوكمة‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬الارقى‭ ‬والافضل‭.‬‮ ‬

لذلك‭ ‬كانت‭ ‬مرحله‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬14‭ ‬جانفي‭ ‬محكومةً‭ ‬بالفوضى‭ ‬والارتجالية‭ ‬والعنتريات‭ ‬السياسية‭ ‬البائسة‭ ‬التي‭ ‬يفتقد‭ ‬فيها‭ ‬المعنى‭ ‬وتغيب‭ ‬عنها‭ ‬الجدوى‭.‬‮ ‬

ولا‭ ‬ازال‭ ‬اعتقد‭ ‬ان‭ ‬الاستحقاق‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المطروح‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يتحقق‭ ‬ولو‭ ‬بصفة‭ ‬تدريجية‭ ‬بالتقدم‭ ‬خطوةً‭ ‬خطوة‭ ‬نحو‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬واجتماعي‭ ‬يؤهل‭ ‬المجتمع‭ ‬قبل‭ ‬نظم‭ ‬الحكم‭ ‬للقبول‭ ‬بالتعدد‭ ‬والاختلاف‭ ‬والتنوع‭.‬‮ ‬

ففي‭ ‬غياب‭ ‬الحاجة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للديمقراطية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬نؤمّن‭ ‬نظاما‭ ‬سياسيا‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬فيه‭ ‬المجتمع‭ ‬الا‭ ‬عنوان‭ ‬التامر‭ ‬الخارجي‭ ‬والداخلي‭ ‬والخيانات‭ ‬الوطنية‭.‬‮ ‬

ايماني‭ ‬راسخ‭ ‬ان‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬كحاجة‭ ‬من‭ ‬حاجاته‭ ‬الحيوية‭ ‬لا‭ ‬مستقبل‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬يمكنها‭ ‬ان‭ ‬تصمد‭ ‬امام‭ ‬امتحان‭ ‬التازم‭ ‬والتعثر‭.‬

هل‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الثوره‭ ‬وثورات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬نتائج‭ ‬مؤامره‭ ‬خارجيه‭ ‬لتفتيت‭ ‬العالم‭ ‬العربي؟

الربيع‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬قراءتي‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬هو‭ ‬مخطط‭ ‬لاختراق‭ ‬والحاق‭ ‬وتمزيق‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬بعد‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001‭.‬‮ ‬

المخابر‭ ‬الامريكية‭ ‬انتجت‭ ‬مفهوم‭ ‬التحالفات‭ ‬العابرة‭ ‬للاديولوجيات‭ ‬ووقع‭ ‬توحيد‭ ‬مكونات‭ ‬المعارضة‭ ‬لتمكين‭ ‬الاسلام‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬الحكم‭ ‬وتم‭ ‬تشكيل‭ ‬جبهات‭ ‬سياسية‭ ‬ضد‭ ‬النظم‭ ‬القائمه‭ (‬كفايه‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وجبهة‭ ‬18‭ ‬اكتوبر‭ ‬في‭ ‬تونس‭)‬

ونتيجه‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬نراها‭ ‬كخراب‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وفي‭ ‬اليمن‭ ‬وفي‭ ‬ليبيا‭ ‬وبدرجة‭ ‬اقل‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وفي‭ ‬نسخة‭ ‬اولى‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وتمثل‭ ‬الحالة‭ ‬المصرية‭ ‬الاستثناء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬ان‭ ‬النظام‭ ‬المصري‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬وايقاف‭ ‬النزيف‭ ‬والحسم‭ ‬نهائيا‭ ‬في‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬وتفكيك‭ ‬المنظومة‭ ‬المحلية‭ ‬التي‭ ‬اشتغلت‭ ‬في‭ ‬اطاره‭.‬‮ ‬

ما‭ ‬يميز‭ ‬القيادة‭ ‬المصرية‭ ‬هو‭ ‬وضوح‭ ‬الرؤية‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي‭ ‬والمؤامرة‭ ‬الخارجية‭. ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬الموقف‭ ‬المصري‭ ‬حاسما‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بحكم‭ ‬الاخوان‭. ‬وبقطع‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الجوانب‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تناقش،‭ ‬فان‭ ‬مصر‭ ‬السيسي‭ ‬اغلقت‭ ‬بوابات‭ ‬الغدر‭ ‬والخيانة‭ ‬وامّنت‭ ‬جيّدا‭ ‬سيادة‭ ‬موقفها‭ ‬الرسمي‭.‬

‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬تفسيرك‭ ‬لاحتفال‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬بالعهد‭ ‬البورقيبي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬ممارسات‭ ‬الحكم‭ ‬تتناقض‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الحكم؟

زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي‭ ‬لمقبرة‭ ‬الزعيم‭ ‬الراحل‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭ ‬لا‭ ‬تقرأ‭ ‬الا‭ ‬ضمن‭ ‬حملة‭ ‬انتخابية‭ ‬رئاسية‭ ‬غير‭ ‬معلنة‭.‬

‮ ‬والمعلوم‭ ‬ان‭ ‬الجانب‭ ‬الرمزي‭ ‬والبروتوكولي‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬قرطاج‭ ‬منذ‭ ‬2019‭ ‬تتسم‭ ‬بالتناقض‭ ‬وعدم‭ ‬الانسجام‭ ‬بل‭ ‬انها‭ ‬غير‭ ‬منتظمة‭ ‬اصلا‭ ‬فالرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬لم‭ ‬يحتفل‭ ‬قبل‭ ‬بضعة‭ ‬ايام‭ ‬بذكرى‭ ‬20‭ ‬مارس‭ ‬ذكرى‭ ‬عيد‭ ‬استقلال‭ ‬تونس‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬انه‭ ‬لم‭ ‬يتوجه‭ ‬بكلمة‭ ‬لمعايدة‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬كونه‭ ‬عين‭ ‬رئيس‭ ‬حكومة‭ ‬أُعدِم‭ ‬والدُه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الزعيم‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭ ‬ضمن‭ ‬انقلاب‭ ‬لزهر‭ ‬الشرايطي‭ ‬مطلع‭ ‬ستينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬‮ ‬

فلا‭ ‬يمكن‭ ‬باي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الاحوال‭ ‬البناء‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬سياسي‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم‭ ‬من‭ ‬التناقض‭ ‬والتشب‭ ‬والتشتت‭.‬

‭ ‬شهدت‭ ‬تونس‭ ‬احداث‭ ‬عنف‭ ‬واغتيالات‭ ‬والتي‭ ‬اتهم‭ ‬فيها‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭. ‬فهل‭ ‬ترين‭ ‬ان‭ ‬الامر‭ ‬يتطلب‭ ‬اشراك‭ ‬كافة‭ ‬التيارات‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬هذا‭ ‬الحزب‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬كالاردن‭ ‬والمغرب؟

ضروري‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬السياسي‭ ‬والقضائي‭ ‬وذلك‭ ‬لامرين‭ ‬اثنين‭:‬

‮ ‬الاول‭ ‬ان‭ ‬النهضة‭ ‬مكون‭ ‬رئيسي‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬الاسلام‭ ‬السياسي‭ ‬وليست‭ ‬كل‭ ‬الاسلام‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬تونس‭.‬‮ ‬

الثاني‭ ‬ان‭ ‬المسؤولية‭ ‬القضائية‭ ‬مسؤولية‭ ‬شخصية‭ ‬بمعنى‭ ‬ان‭ ‬من‭ ‬تورط‭ ‬في‭ ‬الارهاب‭ ‬والعنف‭ ‬عامة‭ ‬يحاكم‭. ‬والتنظيم‭ ‬الذي‭ ‬يتبنى‭ ‬العنف‭ ‬والجريمة‭ ‬كاسلوب‭ ‬ومنهج،‭ ‬يُحضَر‭ ‬مثل‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬المباشر‭ ‬اكسيون‭ ‬ديريكت‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬او‭ ‬بريجاد‭ ‬روج‭ ‬الاولية‭ ‬الحمراء‭ ‬في‭ ‬ايطاليا‭.‬‮ ‬

لكن‭ ‬اود‭ ‬ان‭ ‬اوضح‭ ‬مسالة‭ ‬هامة‭ ‬واساسية‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالاسلام‭ ‬السياسي‭ ‬الا‭ ‬وهي‭ ‬مسالة‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬الفكر‭ ‬كجزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزا‭ ‬من‭ ‬التراث‭ ‬السياسي‭ ‬العربي‭ ‬والاسلامي‭ . ‬ولكونه‭ ‬كذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يلغى‭ ‬بقرار‭ ‬اداري‭.‬‮ ‬

وما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬اثر‭ ‬حكم‭ ‬النهضة‭ ‬ان‭ ‬اغلبيه‭ ‬الراي‭ ‬العام‭ ‬حسمت‭ ‬في‭ ‬الاسلام‭ ‬السياسي‭ ‬وساندت‭ ‬طرد‭ ‬الاسلاميين‭ ‬من‭ ‬الحكم‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬المعطى‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬الاقصاء‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يحصل‭ ‬عبر‭ ‬قرار‭ ‬اداري،‭ ‬وانما‭ ‬ديناميكية‭ ‬الحالة‭ ‬السياسية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬ان‭ ‬تستبعد‭ ‬الاسلام‭ ‬السياسي‭ ‬دون‭ ‬عزف‭ ‬او‭ ‬قمع‭.‬

‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬قانون‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬الحالي‭ ‬يتناقض‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬بنوده‭ ‬مع‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمواريث‭ ‬وتعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬،‭ ‬فهل‭ ‬ترين‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬ادخال‭ ‬تعديلات‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬بما‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬مباديء‭ ‬الشريعة؟‮ ‬

الاشكال‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لا‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬انسجام‭ ‬او‭ ‬عدم‭ ‬انسجام‭ ‬التشريعات‭ ‬المنظمة‭ ‬للاسرة‭ ‬والعلاقات‭ ‬الشخصية‭ ‬مع‭ ‬الشريعة‭ ‬الاسلامية،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بهجانة‭ ‬التشريعات‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الوضعي‭ ‬والشريعة‭ ‬الاسلامية‭.‬‮ ‬

ففي‭ ‬الميراث‭ ‬تّعتمد‭ ‬الشريعة‭ ‬كمرجع‭ ‬تشريعي،‭ ‬وفي‭ ‬الزواج‭ ‬يعتمد‭ ‬القانون‭ ‬الوضعي‭ ‬كمرجع‭ ‬التشريعي‭. ‬ولم‭ ‬اطرح‭ ‬مشروع‭ ‬استفتاء‭ ‬الشعب‭ ‬حول‭ ‬اصلاح‭ ‬مجلة‭ ‬الاحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬وتحديدا‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬اقحام‭ ‬تعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬كشكل‭ ‬من‭ ‬اشكال‭ ‬النظم‭ ‬العلاقية‭ ‬الا‭ ‬استنادا‭ ‬الى‭ ‬معطيات‭ ‬التأزم‭ ‬الخطير‭ ‬الذي‭ ‬يمزق‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬العمق‭ ‬والذي‭ ‬يتمظهر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تاخر‭ ‬سن‭ ‬الزواج‭ ‬والنسب‭ ‬العالية‭ ‬للطلاق‭ ‬وانتشار‭ ‬العنوسة‭ ‬والعنف‭ ‬بين‭ ‬الزوجين‭ ‬والمشاكل‭ ‬النفسية‭ ‬والعصبية‭.‬‮ ‬

وليست‭ ‬المسالة‭ ‬مزاجية‭ ‬أو‭ ‬مسألة‭ ‬انطباعية‭. ‬لان‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬بقي‭ ‬طيلة‭ ‬سنوات‭ ‬خارج‭ ‬النمط‭ ‬الليبرالي‭ ‬الغربي‭ ‬وخارج‭ ‬منظومة‭ ‬الشريعة‭ ‬الاسلامية‭. ‬واستفتاء‭ ‬الشعب‭ ‬هو‭ ‬عودة‭ ‬الى‭ ‬صاحب‭ ‬السيادة‭ ‬ولا‭ ‬احد‭ ‬يمثلون‭ ‬وليست‭ ‬ولا‭ ‬اجد‭ ‬شكلا‭ ‬اكثر‭ ‬ديمقراطية‭ ‬من‭ ‬هذا‭.‬

‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الهجمة‭ ‬الشرسة‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬اخواننا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هناك‭ ‬انتقادات‭ ‬للأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬بالوقوف‭ ‬موقف‭ ‬المتخاذل‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة،‭ ‬فماهي‭ ‬وجهة‭ ‬نظرك؟‮ ‬

الواقع‭ ‬العربي‭ ‬الراهن‭ ‬متسم‭ ‬بالانقسام‭ ‬والتشتت‭ ‬وضعف‭ ‬جبهة‭ ‬الممانعة‭ ‬التي‭ ‬انهارت‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬بغداد‭.‬‮ ‬

وما‭ ‬يعاب‭ ‬على‭ ‬الانظمة‭ ‬العربية‭ ‬هو‭ ‬فشلها‭ ‬في‭ ‬توحيد‭ ‬الحراك‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬وعدم‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬العواصم‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تنازلات‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بوقف‭ ‬اطلاق‭ ‬النار‭ ‬وبالشروع‭ ‬العملي‭ ‬في‭ ‬اقامه‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭.‬‮ ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مأساة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬ذُبِّح‭ ‬بطريقة‭ ‬وحشية‭ ‬من‭ ‬آلة‭ ‬الحرب‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬فانني‭ ‬اتفهم‭ ‬كذلك‭ ‬احتراز‭ ‬الانظمة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬منهج‭ ‬واسلوب‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬الى‭ ‬احتكار‭ ‬قرار‭ ‬الحرب‭ ‬والسلم‭ ‬بصفة‭ ‬انعزالية‭ ‬وخارج‭ ‬اطار‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭.‬‮ ‬

ان‭ ‬مسؤولية‭ ‬اسرائيل‭ ‬كامله‭ ‬في‭ ‬افشال‭ ‬مسار‭ ‬السلام‭ ‬وفي‭ ‬التنكر‭ ‬والانقلاب‭ ‬على‭ ‬تعهداتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقويض‭ ‬اتفاقية‭ ‬السلام‭ ‬والتمادي‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬الاستيطان‭ ‬وفي‭ ‬اطلاق‭ ‬يد‭ ‬المستوطنين‭ ‬في‭ ‬اعمال‭ ‬العنف‭ ‬والتخريب‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭.‬‮ ‬

ان‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬سانحة‭ ‬للشروع‭ ‬في‭ ‬حراك‭ ‬دبلوماسي‭ ‬عربي‭ ‬ممتاز‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬السعي‭ ‬لفرض‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬واعتقد‭ ‬ان‭ ‬القاهرة‭ ‬وهي‭ ‬عاصمة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬العربية‭ ‬الموحدة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكية‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬الشكل‭ ‬الوحيد‭ ‬لمجازاة‭ ‬قوافل‭ ‬الشهداء‭ ‬الذين‭ ‬ارتقوا‭ ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬غزه‭.‬

‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬توجهينها‭ ‬الى‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬والشعب‭ ‬التونسي‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭ ‬وانت‭ ‬مقبلة‭ ‬على‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة؟

الى‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬اقول‭: ‬علينا‭ ‬ان‭ ‬نتحد‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬تقدم‭ ‬تونس‭ ‬ومناعتها‭. ‬علينا‭ ‬ان‭ ‬نكون‭ ‬اكثر‭ ‬واقعية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مشاكلنا‭ ‬واخطائنا‭. ‬علينا‭ ‬ان‭ ‬نقطع‭ ‬مع‭ ‬الحقد‭ ‬والضغينة‭ ‬ومن‭ ‬يسوق‭ ‬لها‭.‬‮  ‬

علينا‭ ‬ان‭ ‬نحسم‭ ‬مع‭ ‬زارعي‭ ‬الخراب‭ ‬والفتنة‭ ‬تحت‭ ‬مختلف‭ ‬المسميات‭ ‬وليس‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يدعي‭ ‬الوطنية‭ ‬وطني‭.‬‮ ‬

انا‭ ‬اضع‭ ‬نفسي‭ ‬خارج‭ ‬نزاعات‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬وخارج‭ ‬حسابات‭ ‬المتصارعين‭ ‬حول‭ ‬رهانات‭ ‬ذاتية‭ ‬وشخصية‭.‬‮ ‬

طرحت‭ ‬عليكم‭ ‬ما‭ ‬يزعج‭ ‬لكنه‭ ‬ما‭ ‬ينفع‭ ‬وما‭ ‬يزرع‭ ‬الحياه‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬امة‭ ‬هاجمتها‭ ‬قوى‭ ‬الفقر‭ ‬والتجهيل‭ ‬و‭ ‬الموت‭.‬‮ ‬

طرحت‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شانه‭ ‬ان‭ ‬يعيد‭ ‬الامل‭ ‬للتونسيين‭ ‬بخلق‭ ‬الثروة‭ ‬وتحسين‭ ‬ظروف‭ ‬الحياة‭ ‬واصلاح‭ ‬الحياة‭ ‬الاسرية‭ ‬وخلق‭ ‬ظروف‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬اقتصاد‭ ‬عصري‭ ‬متطور‭ ‬مستدام‭ ‬ومنفتح‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬ازدهار‭ ‬تونس‭ ‬وتقدمها‭.‬‮ ‬

الى‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬اقول‭ ‬بان‭ ‬الامن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬يترنح‭ ‬وان‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬والاقليمية‭ ‬تنتهك‭ ‬السيادة‭ ‬العربية‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم،‭ ‬وان‭ ‬ثالوث‭ ‬ايران‭ ‬واسرائيل‭ ‬وتركيا‭ ‬يخترقون‭ ‬الخارطة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬جبهات‭ ‬مختلفة‭ ‬وان‭ ‬ضعف‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬انما‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الحكمة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬رعاية‭ ‬الحد‭ ‬الادنى‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬الخلاف‭ ‬والتازم‭.‬‮ ‬

على‭ ‬صعيد‭ ‬ثان‭ ‬اعتقد‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬امكان‭ ‬العرب‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬المسارات‭ ‬والمثابرة‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬الاندماج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري‭ ‬والتربوي‭ ‬والثقافي‭. ‬علينا‭ ‬كعرب‭ ‬ان‭ ‬نقيّم‭ ‬جدلية‭ ‬الصراع‭ ‬والوحدة‭ ‬لكي‭ ‬نتقدم‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الشعاراتية‭ ‬والمزايدات،‭ ‬وفي‭ ‬اطار‭ ‬منهج‭ ‬التدرج‭ ‬والارتقاء‭ ‬من‭ ‬الادنى‭ ‬الى‭ ‬الاقصى‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى