مقال

الدكروري يكتب عن السنّة والخبر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن السنّة والخبر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 28 ابريل 2024

الحمد لله الرحيم الودود، سبحانه من خالق عظيم وبخلقه رؤوف حليم، أشهد أنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد فيا عباد الله، اتقوا الله فإن ساعة عظيمة تنتظركم، يجزى فيها الإنسان عن الصغيرة والكبيرة، موقفها عظيم وأمرها جلل فتزودا لذلك وإن خير الزاد التقوى، ثم أما بعد إن الحديث النبوي الشريف هو كلام رسول الله صلي الله عليه وسلم ويطلق على الحديث النبوي عدة اصطلاحات، فمنها السنّة، والخبر، والأثر، فالحديث من حيث اللغة هو الجديد من الأشياء، والحديث الخبر، يأتي على القليل والكثير، والجمع أحاديث، فالحديث هو الكلام الذي يتحدث به، وينقل بالصوت والكتابة، والخبر هو النبأ، وجمعه أخبار، وهو العلم، والأثر هو بقية الشيء، وهو الخبر، والجمع آثار.

ويقال أثرت الحديث أثرا أي نقلته، ومن هنا فإن الحديث يترادف معناه مع الخبر والأثر من حيث اللغة، أما اصطلاحا، فإن الحديث هو ما ينسب إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، من قول أو فعل أو تقرير أو وصف، والخبر والأثر لفظان آخران يستعملان بمعنى الحديث تماما، وهذا هو الذي عليه اصطلاح جمهور العلماء، ولكن بعض العلماء يفرقون بين الحديث والأثر، فيقولون أن الحديث والخبر هو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأثر هو ما يروى عن الصحابة والتابعين وأتباعهم، والخبر ما جاء عن غيره وقيل أن بينهما عموم وخصوص مطلق، فكل حديث خبر وليس كل خبر حديثا، وإن السنة في اللغة هي السيرة، والطريق القويم، وقد وردت في القرآن الكريم بمعنى الطريقة المتبعة، وكلمة السنة إذا أطلقت فهي تنصرف إلى الطريقة المحمودة.

وقد تستعمل في الطريقة المذمومة ولكنها تكون مقيدة، كقول النبي صلى الله عليه وسلم “من سن في الإسلام سنة حسنة، فعمل بها بعده، كتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء” فالسنة هنا ضد البدعة، والبدعة هي طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشريعة، وهي ما أحدث مما ليس له أصل في الشريعة يدل عليه، وقد قال أبو منصور الهروي الأزهري، بأن السنة هى الطريقة المحمودة المستقيمة، وقال الشاطبي، ويطلق لفظ السنة في مقابلة البدعة؛ فيقال فلان على سنة إذا عمل على وفق ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم، كان ذلك مما نص عليه في الكتاب أو لا، ويقال فلان على بدعة إذا عمل على خلاف ذلك” وقال ابن رجب الحنبلي.

” السنة هي الطريق المسلوك فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنة الكاملة ” ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي، عضوا عليها بالنواجذ” وقال صلى الله عليه وسلم ” فمن رغب عن سنتي فليس مني ” ففيما يتعلق بمصطلحي الحديث والسنة، فإنهما يجتمعان في مواضع، ويفترقان في مواضع أخرى، فإن ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، من قول أو فعل أو تقرير يطلق عليه “حديث” كما يسمى أيضا “سنة” ويقول الشيخ عبد الله بن يوسف الجديع ” السنة في المعنى الأُصوليِ مساوية للحديث بالتعريف المتقدم عن أهل الحديث، دون قيد أو صفة، واستثناء الصفة النبوية الشريفة من جملة السنن.

إنما وقع من أجل أن محل الكلام في السنة هو اعتبار كونها من مصادر التشريع، وهذا لا يندرج تحته الأوصاف الذَاتية، وإنما يستفاد من الأقوال والأفعال والتقريرات النبوية” وكذلك فإن كتب الحديث تسمى أيضا بكتب السنة، كما أن أهل الحديث هم أيضا من أهل السنة، فإذا اطلق لفظ السنة في الشرع فإنما يراد بها ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ونهى عنه وندب إليه قولا وفعلا، ولهذا يقال في أدلة الشرع، الكتاب والسنة، أي القرآن والحديث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى