مقال

عبادة العبيد المخلصين لله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عبادة العبيد المخلصين لله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 1 مايو 2024
الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد إنه مما يعين على حضور القلب في العبادة، هو تنويعها، فينوع الإنسان العبادات من صلاة وتلاوة قرآن وذكر وصدقة وبر والدين وصلة أرحام وزيارة مرضى وتشييع جنازة، ومن رحمة الله وفضله أن العبادات كثيرة ومتنوعة، ويجب الصبر على استحضار النية حال العمل، فقال ابن القيم، الصبر حال العمل فيلازم العبد الصبر عن دواعى التقصير فيه والتفريط، ويلازم الصبر على استصحاب ذكر النية، وعلى حضور القلب بين يدى المعبود، وأن لا ينساه في أمره، فليس الشأن في فعل المأمور.

بل الشأن كل الشأن أن لا ينسى الآمر حال الإتيان بأمره، بل يكون مستصحبا لذكره في أمره، فهذه عبادة العبيد المخلصين لله، فهو يحتاج إلى الصبر على توفية العبادة حقها، بالقيام بأدائها وأركانها وواجباتها وسننها، وإلى الصبر على استصحاب ذكر المعبود فيها، ولا يشتغل عنه بعبادته، فلا يعطله حضوره مع الله بقلبه، عن قيام جوارحه بعبوديته، ولا يعطله قيام الجوارح بالعبودية عن حضور قلبه بين يديه سبحانه ، وأيضا يجب الاجتهاد في الدعاء وهو من أعظم الأسباب المعينة على استحضار معية الله، وعونه للعبد، وألا يترك العمل، فإن هذا من وسائل الشيطان، أن يثبط الإنسان عن العمل لعدم حضور القلب، فليحذر المؤمن، وليستمر على العمل، والتهيؤ للعبادة والاستعداد لها، والابتعاد عما قد يشغل القلب، وهكذا فإن العبادة ما أمر الله به ورسوله تقربا إلى الله، وابتغاء لثوابه.

وأما العادة فهي ما اعتاده الناس فيما بينهم من المطاعم والمشارب والمساكن والملابس والمراكب والمعاملات وما أشبهها، وهناك فرق آخر وهو أن العبادات الأصل فيها المنع والتحريم حتى يقوم دليل على أنها من العبادات، أما العادات فالأصل فيها الحل إلا ما قام الدليل على منعه، وإذا كان الباعث على العبادة الرياء فإنها لا تقبل لقول الله تبارك وتعالى كما جاء فى سورة الكهف ” فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا” ولقوله تعالى في الحديث القدسي “أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه” وإن لكل عبادة شرعها الله أسرارها وأنوارها ومزاياها وفوائدها يؤديها العبد فيكسب بها رضى الباري عز وجل ومع الأيام قد تصبح هذه العبادات عادات بمعنى أن العبد يؤديها دون شعور بأهميتها.

دون شعور بأنوارها وإذا ما وصل الإنسان إلى هذا الحد في عباداته أو في بعضها فقد أضحى على منعطف خطر ويجب عليه أن يراجع أعماله ليصححها، وبكل أسف فقد أضحت عبادات الكثير من الناس عادة اعتادوا عليها ودرجوا ربما تعلموها من آبائهم أو أنهم اعتادوا عليها فيما بعد والخطر في الموضوع يكمن في أن روح العبادة ولذتها هي ما يدفع الإنسان لفعلها ولمكابدة المشاق والمتاعب من أجلها فإذا ما تحولت العبادة إلى عادة فإن الإنسان سيتركها عند أول مشكلة تعترضه ولذلك كان من الواجب على الإنسان أن يحاول فهم ما أراد الله من التشريع فالله عز وجل لم يشرع الصلاة لكي يقوم الإنسان بحركات رياضية من قيام وقعود وانحناء وإنما شرعها لكي يستشعر الإنسان عظمة الله عز وجل في صلاته ليتعرض لنفحات الله في صلاته لا ليقوم ويقعد ويتعب نفسه والنبي صلى الله عليه وسلم يقول “ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى