مقال

الدكروري يكتب عن مخازي المفسدين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مخازي المفسدين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 11 مايو 2024

الحمد لله العظيم في قدره، العزيز في قهره، العليم بحال العبد في سرّه وجهره، يسمع أنين المظلوم عند ضعف صبره، ويجود عليه بإعانته ونصره، أحمده على القدر خيره وشره، وأشكره على القضاء حلوه ومره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما جاد السّحاب بقطره، وطلّ الربيع بزهره، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن من مخازي المفسدين أنهم يسعون لإشاعة الفاحشة في المجتمع، ويؤسسون مراكز ونواد لنشر المنكر، وإفساد الأخلاق والقيم الاجتماعية بلا حياء ولا خجل، وتأمل حال كثير من القنوات الفضائية لترى كيف يلهث أولئك المفسدون لإشاعة الفواحش وتحطيم القيم ومحاربة الفضيلة، وقد قال الله عز وجل فى سورة العنكبوت.

“ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين، أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون فى ناديكم المنكر” فقال “فما جواب قومه إلا أن قالوا أئتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين، قال رب انصرنى على القوم المفسدين ” وأما الصفة السادسة فهى انقلاب الموازين من مخازي المفسدين وسوءاتهم، أنهم يقلبون الموازين، ويزيفون الحقائق، ويسمون الأمور بغير مسمياتها ولهذا قال الله عز وجل في وصفهم كما جاء فى سورة البقرة ” وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ” وهذا من تقليب الأمور الذي جاء بيانه في قوله تعالى كما جاء فى سورة التوبة “لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور” وتأمل العقلية الفرعونية الطاغية التي تتجدد في كل عصر وتجتهد في قلب الحقائق.

فكان فرعون يزعم أنه يحافظ على دين قومه من تبديل موسى عليه الصلاة والسلام أو إظهاره الفساد في الأرض، وهكذا هي سنة المفسدين في كل عصر، يعترضون طريق المصلحين ويشوهون صورتهم، ويزعمون أنهم وحدهم الدعاة إلى الإصلاح والنهضة في المجتمع، على الرغم من أن مشروعهم في الحقيقة، لا يعدو أن يكون إفسادا للمجتمع وتشويها لهويته ومنهاجه، فكانت هذه هى بعض صفات المفسدين، وعندما نقرأها بعين واعية ونتأمل أخبار المفسدين عبر التاريخ الماضي أو الحاضر، أيا كانت مواقعهم، فسنجد اجتماع المفسدين على التخلق بهذه الصفات المذمومة، ليصدق عليهم قول الله جل شأنه كما جاء فى سورة الذاريات ” أتواصوا به بل هم قوم طاغون ” ولقد سقطت البلاد العربية في مستنقعات الفساد ردحا طويلا من الزمن.

واستضعف المفسدون شعوبهم، فأسرفوا في التعدي على حرمات الدين وحقوق المجتمع وكرامة الإنسان، وتحول الفساد في كثير من الأحيان من ممارسات شاذة محدودة لبعض الناس إلى مأسسة له وتبن لنواديه ورعاية لمنابره، ولهذا كان واجب المصلحين حقا أن يواجهوا أولئك السفهاء، ويأخذوا على أيديهم، ويبصروا المجتمع بمخازيهمن امتثالا لقول الله عز وجل كما جاء فى سورة هود ” فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد فى الأرض” وقوله عز وجل كما جاء فى سورة الشعراء “الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون” فإذا تأملت الآيات التي ذكر الله فيها الإفساد فنجد أن الله عز وجل إذا ذكر الإفساد بهذا اللفظ نفى الإصلاح أو ذكره معه، لنعلم أن المفسدين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.

ولعلنا نتتبع الآيات التي ورد فيها ذكر الإفساد لنتعرف على أنواع الإفساد وصوره ومنها الشرك بالله فهو إفساد، فقال الله تبارك وتعالى ” الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانون يفسدون” فهؤلاء جمعوا بين إفسادين، وهما كفر بالله، وصد عن سبيل الله، فقال سبحانه وتعالى ” ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى