مقال

سبيل الرشد والسعد

جريدة الاضواء

الدكروي يكتب عن سبيل الرشد والسعد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 11 مايو 2024

الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا، له ما في السماوات وما في الأرض ومابينهما وما تحت الثرى أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه واستغفره، نعمه لاتحصى وآلاؤه ليس لها منتهى وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله، هو أخشى الناس لربه وأتقى، دلّ على سبيل الهدى وحذر من طريق الردى صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه معالم الهدى ومصابيح الدجى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى، ثم أما بعد إذا سلم العبد أمره لله عز وجل، وتوكل علي الله وأخلص العمل إبتغاء وجه الله، كانت أعماله كلها لله، فيا أيها المسلم، ويا أيها المحبّ لفعل الخيرات إذا توضأت لتصلى، فوضوءك هذا من عمل الخير الذي له ثمرات قد لا تخطر ببالك وأنت تتوضأ، وخطواتك إلى المسجد.

كثرت أم قلت، هي من فعل الخيرات، وستكتب لك، وستجزى بها أجرا وفضلا يوم القيامة، وعلى إثر ظلمات الأَثَرة المتراكمة، والفردية المتلاطمة، والانتهازية المتفاقمة التي أخرست كثيرا من المجتمعات دون صالح العمل، وبلوغ الخير في مدى التفاؤل والأمل، فقد عمدت شريعتنا الغرّاء منذ الأزل إلى خصيصة بلجاء سامقة، منوّهة بشأنها وبتتويجها، وإعلاء صرحها وتدبيجها، بل جعلتها قرينة الإيمان في آي القرآن، خصيصة هي مقصد عظيم من مقاصد الدين، وحصن لليقين والتوكل متين، من استمسك بها استنارت له الظلم، وغدا كالتاج في مفرق للمجد مرتسم، وإن أفصحت فعن روح زكية، وهمّة عليّة، ونفس بالمكرمات رضيّة، تلكم هي الصورة المشرقة، والصفحة المتألقة، المتمثلة في فعل الخيرات، واغتنام البرور والصالحات.

فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس” رواه الطبرانى، فذلكم هو طريق المجد، وسبيل الرشد والسعد، ومجال العظمة لمن شاء أن يكون نبيلا عظيما، ويحيا ميمونا كريما، وليس من طريف القول ولا تليده بل من تقريره وتأكيده أن الألى داموا في فعل الخيرات ليوثا، وفي إسداء المكارم غيوثا، إنما برهنوا للعالم أجمع أن المجتمع المسلم هو موئل التراحم والتلاطف، والتعاضد والتعاطف، الزاخر بمشارق الصالحات والنبل، ومبارق الإنسانية والفضل، لا يثبطهم عن الحسنات تهويل، ولا ينزع بهم عن المعروف تأويل، وذلك هو الانتماء الصادق لخصائص هذه الأمة ومقومات وجودها، ولفعل الخير أنواع عديدة وضروب، وأخرى فريدة ذات دروب، ومن نبراس النبوة قوله صلى الله عليه وسلم.

“أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا، أو تقضي عنه دينا، أو تطعمه خبزا” رواه البيهقي والحاكم، فيا أيها المسلم كن من الموفقين بإذن الله، وانبعث في الخير وميادينه، وتنسّم شذى رياحينه، مهما تنوّعت ميادينه، وتعددت مجالاته، علمية أو دعوية، إغاثية أو طبية، إنسانية أو عمرانية، وصفوة القول هو أغث ملهوفا، وابذل معروفا، وآسى مكلوما، وانصر مظلوما، وصل محروما، ويسّر عسيرا، واجبر كسيرا، واستعصم بالوحيين، وأصلح بين متخاصمين، وواسى مفئودا، ورغّب في الخير كنودا، وانشر علما أو كتابا، وأعن منقطعا أو منتابا، وأتقن عملا، وحقق أملا، وأرشد حائرا، وعظ جائرا، واشفع في الخير شفاعة، واترك الشر وسماعه، واكفل يتيما، وعالج سقيما، وصل أرحاما، وتعهّد أيامى، وتعطف فقيرا، فلن يسلبك نقيرا، وأنشئ مركزا دعويا.

وأسس صرحا خيريا، كن قدوة في الأمة ومثالا، حالا ومقالا، ضع لك في الخير بصمة، واحذر من الشر ووصمه، فإنه الإحسان الرقراق الشامل، والمعروف الهامل، الذي لا يرد عنه قاصد ولا آمل، وذلك وايم الحق نشدان الكمال في أبهى معانيه، وأسمى معاليه، ومن نصب في ذلك فإنما ينصب لحياة الأمة ونمائها، وعزها وبقائها، وعلى الضد من ذلك هى صفحة سوداء كالحة، أقزامها الساعون في الشر والفساد، والشقاق والعناد، جزاؤهم بئس المهاد، الذين غلت مراجل قلوبهم حسدا وحقدا على رموز الأمة وقممها، وانطوت أفئدتهم على سوء ظن وطغيان، إنهم رأس الإثم والعدوان، والبغي والبهتان، المتطاولون بالنكر والمقراض في أطهر وأزكى الأعراض، عرض أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها، المبرأة من فوق سبع سماوات، من أنزل الله فيها قرآنا، وحججا على العفاف وبرهانا، ولكن الأَفكة المأفونون يا ويحهم خروا عليها صُما وعُميانا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى