مقال

حالة العالم قبل الإسلام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن حالة العالم قبل الإسلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا، ثم اما بعد، لقد كان ملك اليمن يسمى تبّع، وكان في اليمن حضارة عظيمة، وكان فيها سد مأرب، وهو سد عظيم يروي أراضي واسعة جدا، وقد غرست فيها الأشجار من كل صنف، فكانت المرأة تحمل مكتلها وتمر من بين الأشجار، فيمتلئ المكتل بالفاكهة الناضجة دون أن تقطفها بيدها، وكان الجو في اليمن نظيفا خاليا من الحشرات، وكانت اليمن تسمى بلاد العرب السعيدة، وكان فيه قصر غمدان، وهو مكون من طوابق كثيرة وسقف آخر طابق من زجاج، كان الجالس في آخر طابق يرى الطير في السماء من السقف، ثم تهدم السد.

فنزحت كثير من القبائل من اليمن إلى شمالي الجزيرة، ومن هذه القبائل الأوس والخزرج سكنتا في يثرب ثم صار أسمها في الإسلام المدينة المنورة، وسكن الغساسنة في الشام، والمناذرة في العراق، وسميت الغساسنة نسبة إلى بئر ماء لرجل اسمه غسان، وردت عليه هذه القبيلة التي جاءت من اليمن، ثم ارتحلت إلى الشام وسكنت المزة قرب دمشق، وكان الغساسنة تحت سيطرة الرومان، أشهر ملوكهم الحارث الأعرج، وآخر ملوكهم جبلة بن الأيهم الذي أسلم في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم ارتد جبلة وعاد إلى بلاد الروم، ثم ندم على ردته وصار يبكي، وكانت من القبائل هى المناذرة، وهى نسبة إلى ملكهم المنذر بن ماء السماء، وهي أمه، كانوا في العراق تحت سلطان الفرس المجوس عبّاد النار، كان الفرس والروم في حرب دائمة.

وكانت الجيوش المتحاربة من العرب المناذرة والغساسنة، وكان الجند من العرب والقادة أجانب، العرب يقتل بعضهم بعضا، والثمرة للأجنبي الروماني والفارسي، فلما جاء الإسلام وحد الجزيرة العربية وأنقذ الغساسنة من الروم بعد معركة اليرموك في الشام، وأنقذ المناذرة من الفرس بعد معركة القادسية ونهاوند، وامتدت الدولة الإسلامية من الصين شرقا إلى الأندلس غربا، في دولة واحدة، لا يحتاج المسافر في هذه البلاد إلى جواز سفر، لأن هذه البلاد كلها دولة واحدة، ليس بينها حدود، لها حاكم واحد هو خليفة المسلمين، وكانت القبائل العربية تعتمد في حياتها على التنقل من مكان إلى آخر طلبا للمرعى، لأن حياتهم متوقفة على إنتاج الأنعام كالغنم والإبل، فكانت يقوم الحروب المتكررة العنيفة بسبب ذلك، كان شيخ القبيلة يحمي منطقة معينة.

فلا يجرؤ أحد على أن يرعى فيها، وكانت عقولهم تثور لأبسط الأمور وتقوم حروب وتجري دماء بسبب ذلك، كحرب داحس والغبراء، وحرب البسوس، وكل حرب من هاتين الحربين دامت أربعين عاما، وهكذا كانت حالة العرب في الجاهلية، وقد سميت بهذه التسمية، لقلة أناتهم، فالجاهلية ضد الحلم، وهكذا كانت حالة العالم قبل الإسلام وقبل مولده صلى الله عليه وسلم، حالة من الفوضى والرعب والخوف الدائم، كان العربي متعصبا لقبيلته ينصر غيره منهم وقد قيل فى ذلك الوقت انصر أخاك ظالما أو مظلوما وقال الشاعر زهير بن أبي سلمى “ومن لا يظلم الناس يظلم” ولم يعرف العرب ولا العالم الهدوء والأمن والسلام إلا في ظلال الإسلام، في دعوة النبى محمد صلى الله عليه وسلم.

فأصبح العربي يعيش في خبائه آمنا من غارة عليه وهو نائم، وآمن في أغنامه وهو يرعاها لا يخاف أن تأتيه فرسان يقتلونه ويسلبون ماله، ولا تخاف المرأة أن يأتي جيش قبيلة يغيرون عليهم صباحا فيقتلون الرجال ويسبون النساء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى