مقال

فليؤدي الذي اؤتمن أمانته

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن فليؤدي الذي اؤتمن أمانته
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ثم أما بعد إن الأمانة خُلق عظيم شامل لكل مظاهر الحياة فالشعب أمانة في يد الزعماء والرؤساء والملوك، ولا ينبغي خيانته وبيعه مهما كان الثمن، والدين أمانة في يد العلماء، والعدل أمانة في يد القضاة، والحق أمانة في يد المحامين، والصدق أمانة في يد الشهود، والمرضى أمانة في يد الأطباء، والمصالح أمانة في يد المستخدمين، والتلميذ أمانة في الأستاذ، والولد أمانة في يد أبيه، والكلمة أمانة في يد الصحفي والخطيب، والوطن أمانة في عنق الجميع ” فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه” وكما أن الأمانة هي خُلق سيد الأنبياء وخاتمهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

فعرف بها وشهد بذلك أعداؤه، وقد أمر بأداء الأمانة وحفظها ونهى عن الخيانة ولو مع الخصم الخائن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك” حتى مع من خانك لا ينبغي لك أن تنزل إلى مستوى أخلاقه فتخونه فتكونوا في الإثم سواء، فانظروا إلى الأسواق والمحلات التجارية ومعارض السيارات والبنوك فالغش فيها على قدم وساق، وخيانة الأمانة هي بضاعتهم يعبدون الله بمعصيته وكيف يتأتى ذلك ؟ فيعطيك سلعة مقلدة على أنها أصلية ويبيعك سلعة يخفي عيوبها أو مستعملة على أنها جديدة ويرفعون الأسعار دونما سبب ويغلفون المعاملات البنكية ويزينونها للناس على أنها معاملات شرعية لا حرام فيها، وهل هناك أعظم حرمة من شركات مشبوهة تحايل على الربا وكأنهم يتحايلون على الأطفال ونسوا أنهم يتعاملون مع من لا تخفى عليه خافية.

يتعاملون مع من خلقهم ورزقهم، الذي قال سبحانه وتعالي ” إن الله لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء” وما يحصل في معارض السيارات لهو أدهى وأمر، فهذه سيارة تباع وهي مكانها لم تتحرك عشرات المرات ويفتخرون بمعصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتجار هم الفجار إلا من اتقي الله وبر وصدق كما قال صلى الله عليه وسلم، وانظر إلى أسواق الخضار والفاكهة تجد العجب العجاب من الغش والتدليس والكذب وخيانة الأمانة، فلا تكاد تجد بائعا صادقا وأمينا، فالهم الأكبر هو جمع المال من أي طريق كان وبأي كيفية كانت المهم هو المال كيفما جاء وكيفما أُتي به، لا يبالون والله بطرق المال ولا يتحرون الحلال ولا يخافون من عقوبة الحرام وكل ذلك يصب في قالب خيانة الأمانة، ويجعلون البضاعة والفاكهة الكاسدة الخربة والصغيرة.

والمتعفنة في أسفل الصندوق والجيدة في أعلاه، وعندما تنظر إليه يعجبك ولا يبين لك البائع أن ما في الأسفل أقل جودة مما في الأعلى، فهلا اتبعنا توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبلنا أمره واهتدينا بهديه وسلكنا منهجه حتى نكون منه صلى الله عليه وسلم ومعه ؟ وإنك عندما تتجه لأنواع التجارة تحزن على أمة محمد صلى الله عليه وسلم وما أصابها من وهن وضعف في دينها وخيانة لأمانتها حتى تقاعست عن القيام بالأعباء الموكلة إليها من نصرة لدينها والذود عن نبيها وحمل الأمانة الملقاة على عاتقها في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل، واليوم لا نرى إلا مسلمون وهنتهم حمى الأسهم وضربتهم شمس التقدم والحضارة الزائفة الكاذبة الخادعة حتى تركوا أهم شعائر دينهم ألا وهي الصلاة وارتكبوا الكبائر العظيمة كخيانة الأمانة وعدم الوفاء بالوعد ونقض العهد إلا من رحم الله وعصم وقليل ما هم، وهذا هو مجمل حال أمة محمد صلى الله عليه وسلم مع دينها اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى