مقال

العلم قبل القول والعمل

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن العلم قبل القول والعمل
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا عزّ إلا في طاعته، ولا سعادة إلا في رضاه، ولا نعيم إلا في ذكره، الذي إذا أطيع شكر، وإذا عُصي تاب وغفر، والذي إذا دُعي أجاب، وإذا استُعيذ به أعاذ، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن العلم قبل القول والعمل، فإنه لا يمكن لعبد أن يعبد الله تعالي على بصيرة وحق وصواب حتى يتعلم كيف يعبده وهذا واضح اليوم ممن يسلمون ويدخلون في الإسلام، فالمسلم الجديد لا يعرف ما الإسلام وما هي أركانه وكيف يحقق كل ركن منها، فتراه كثير السؤال والاستقصاء عن أمور دينه، فلا يمكن له أن يصلي الظهر والعصر والعشاء أربعا والمغرب ثلاثا والفجر اثنتين إلا إذا تعلم ذلك وهكذا بقية الأحكام، فالمسلم الذي لا يتعلم أمور دينه لاشك أنه سيعاني كثيرا.

وربما يعبد الله على غير الوجه المشروع، كما فعلت النصارى من قبل فأضلهم الله تعالى، حيث قال الله سبحانه في قاتحة كتابه ” غير المغضوب عليهم ولا الضالين ” فالمغضوب عليهم هم اليهود، لأنهم عرفوا الحق والصواب وتجنبوه والضالون هم النصارى لأنهم عبدوا الله على جهل دون علم ولا بصيرة فليحذر كل مسلم أن يكون أحد الفريقين وليتجنب غضب الله سبحانه ومواطن عقابه وسخطه، إذ كيف تعمل عملا بلا دليل؟ وكيف تُعلم الناس علما لا تفقهه؟ فواجب على كل مسلم أن يتعلم العلم الشرعي الذي يقوم به دينه ثم يبلغه بعد ذلك، حيث قال تعالى كما جاء في سورة محمد ” فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر ل لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ” وعن أبي واقد الليثي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه.

إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد، قال فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها وأما الآخر فجلس خلفهم وأما الثالث فأدبر ذاهبا، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” ألا أخبركم عن النفر الثلاثة ؟ أما أحدهم فآوى إلى الله فآواه وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه ” رواه البخاري ومسلم، وفي هذا الحديث فضيلة طلب العلم والجلوس لتحصيله واستماعه، وفي الحديث صفات لله تعالى كالاستحياء والإعراض والواجب أن تمر هذه الصفات كما هي دون تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تحريف ولا يجوز تأويلها بغير معناها الظاهر من لوازمها وغير ذلك، بل الواجب إثبات صفات الله عز وجل كما هي.

فإن الله يوصف بالحياء الذي يليق به سبحانه ولا يشابهه فيه خلقه كسائر صفاته سبحانه، فهو سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وهذا قول أهل السنة في جميع صفات الله تعالى الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة وهو طريق النجاة، فتنبه أيها المسلم واحذر، وقد ورد في فضل الجلوس لحلقات العلم وطلبه نصوص كثيرة، فقال الإمام الشافعي رحمه الله ” طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة ” وقال الإمام الزهري رحمه الله ” ما عُبد الله بمثل الفقه ” وقال الإمام مطرف رحمه الله ” فضل العلم أعجب إلي من فضل العبادة ” وقال عون بن عبد الله حدثت عمر بن عبد العزيز أن كان يقال ” إن استطعت فكن عالما فإن لم تستطع فكن متعلما وإن لم تستطع فأحبهم وإن لم تستطع فلا تبغضهم ” فقال عمر بن عبد العزيز لقد جعل الله عز وجل له مخرجا إن قبل ” أي وافق علي ذلك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى