مقال

نفحات إيمانية و لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا ” الجزء الثانى

نفحات إيمانية و لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا ” الجزء الثانى

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا، وإن بر الوالدين من أسباب تفريج الكربات، وإزالة الأزمات، فإذا أردت أن تعرف رضا ربك عنك فانظر إلى برّك لوالديك، وإذا أردت أن تنظر إلى حُسن مستقبلك، وجميل عاقبتك فانظر إلى برك بوالديك، فرضى الله في رضى الوالدين، ومن ذلكم أيضا هو رد المظالم والحقوق إلى أهلها، وإعطائهم حقهم، فإن ذلك سبب لتفريج الكربات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الدّين ” من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه” فأدووا الحقوق إلى أهلها، وأعطوهم حقوقهم من زوجة وولد وعمال وخدم وغير ذلك، فقد تحرم الخير ويستمر فيك الهم والغم والقلق بدعوة مظلوم عليك، وإلى أن بعض الناس الذين تركوا أعمالا محرمة، مثل بعض الأعمال التى بها الشبهات ووظائفها لم يعثروا على وظائف، وبقوا فترات طويلة بدون عمل حتى وقع بهم الشك والحيرة، اين قول الله تعالى ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب” 

 

ويقول أنا اتقيت الله فخرجت من العمل المحرم ولكني لم أجد عملا؟ فنقول إنك اتقيت الله في عمل واحد من أعمال حياتك، وهو خروجك من العمل المحرم، ولكنك ربما لا تزال مقيما على أعمال كثيرة محرمة، ربما أنك تمشي إلى معصية الله، وتنظر إلى معصية الله، وتسمع معصية الله، فكيف بعد ذلك تقول إن الله يقول” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب” فأنت لم تتق الله إلا في شيء واحد، أين تقوى الله في بقية الأشياء؟ إذن أخلص لله واترك جميع المعاصي، والله لا بد أن يجعل لك مخرجا وفرجا لأنه وعد في الآية، لكن تقوى الله واسعة عامة، ويا أيها الشاب الذي تتعرض للفتن من كل جانب، وتلقى العنت والمشاق في الصبر على الشهوات، وأنت تصبر عن الحرام، وتدافع تلك الخطرات، يحيط بك هم العثور على الفتاة المستقيمة، وهم توفير المهر والزينة، اصبر فإن الله مع المحسنين، وكما فرج الله لغيرك، فسيفرج لك، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه فسبحانه القائل ” إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله” 

 

ويا من اضطر لطلاق زوجته في ذات الله وإرضاء لله، قد يجتمع عليك جيش الهموم، فهم يحيط بك مما خسرت وتكلفت في ذلك الزواج، وهم يحيط بك هل ستجد امرأة صالحة أخرى تتزوجها؟ وهم يحيط بك إن كانت المطلقة قد خلفت لك أولادا من يعتني بهم، وهم يحيط بك من موقفك أمام الناس، وإذا هم همزوك ولمزوك وأساؤوا القول في جانبك، لا تحزن ما دمت قد فعلت ذلك إرضاء لله، فإن الله يقول في سورة الطلاق ” لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا” ويقول تعالى ” سيجعل الله بعد عسر يسرا” وذلك لأن الطلاق شيء كبير، وفيه هم عظيم لمن اتخذ ذلك القرار إرضاء لله، إن الله سيجزيه على عمله ذلك ويعوضه خيرا، فيا من وقعت في ورطة، فلم تعرف كيف الخلاص، وحاولت الفكاك، ولكن لات حين مناص، تذكر في لحظاتك هذه قوله تعالى ” وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين” 

 

ويا من ابتلاه الله في جسده فهو يئن تحت وطأة المرض، ويتلوى من الوجع على فراش الإصابة، تحيط بك هموم الآلام بأنواعها، ويا من ابتلاه الله في حبيبه، أو ولده، فهو يحس حرارة الابتلاء في كبده، لا تيأس، فإن فرج الله بالشفاء لآت، وإن لم يكن، وإن لم يحصل الشفاء، فهو ابتلاء ترفع فيه الدرجات في الجنات، وتضاعف الحسنات فتذكر نبى الله أيوب عليه السلام فقال تعالى كما جاء فى سورة الأنبياء ” وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين” ومن رحمة الله أن جعل طعم البلاء يخف على الإنسان كلما امتد زمن البلاء، فأنت ترى المريض المزمن في مرضه، اللحظات التي يعيشها الآن أهون عليه من اللحظات التي كانت عندما بدأ المرض لأنه قد تعود، مع أن المرض لم يخف، بل إنه ربما يشتد، ولكن الله يصبره، وعلى قدر البلاء تنزل المعونة، فيقول القائل تعودت مس الضر حتى ألفته وأسلمني طول البلاء إلى الصبر.

 

ووسع صدري للأذى كثرة الأذى وكان قديما قد يضيق به صدري، وكذلك الداعية إلى الله عندما يبتلى بأذى الناس ربما يجزع في المرات الأولى، ولكن يوسع صدره على الأذى كثرة الأذى، على قدر البلاء تنزل المعونة، وأنتم معشر المسلمين المخلصين الذين تعملون لإعلاء دين الله وكلمته، لقد طال هذا الليل واسود جانبه، وأرقنا فعل الجاهليات بأهل الإسلام، لا تيأسوا فإن النصر مع الصبر، وإن مع العسر يسرا، وهذه سنة الله في الدعوات، أن الخطوب تشتد عليها، والأخطار من كل جانب، حتى يفعل جميعهم كل الإمكانيات فلا تفيد، وبعد أن يفقدوا الأمل ويصلوا إلى نقطة يحسون أن لا نصر عندها، إذا بنصر الله يأتي، متى أتى النصر؟ فأتى النصر عندما اشتدت الأمور وظنوا أنه لم يأت جاءهم، نصرنا وهكذا لكي لا يكون النصر رخيصا، فلو كان النصر رخيصا لقام في كل يوم دعي بدعوة لا تكلفه شيئا، ودعوات الحق لا يجوز أن تكون عبثا ولعبا، فإنما هي قواعد في حياة البشر ومنهاج لهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى