مقال

نسائم الايمان ومع المدينة المنورة ” الجزء السابع عشر “

نسائم الايمان ومع المدينة المنورة ” الجزء السابع عشر ”

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع عشر مع المدينة المنورة، وقد توفنا مع الملك العادل نور الدين زنكى، واستغل نور الدين هذه النكبة التي حلت بالصليبيين وضياع هيبتهم للهجوم على أنطاكية بعد أن ازداد نفوذه في الشام، فهاجم الإقليم المحيط بقلعة حارم الواقعة على الضفة الشرقية لنهر العاصي، ثم حاصر قلعة إنب، فنهض ريموند دي بواتيه صاحب إنطاكية لنجدتها، والتقى الفريقان ونجح المسلمون في تحقيق النصر وأبادوا الصليبيين عن آخرهم، وكان من جملة القتلى صاحب أنطاكية وغيره من قادة الفرنج، وكان فرح المسلمين بهذا النصر عظيما، وكما استطاع بعد هزيمة الحملة الصليبية ضم دمشق إلى ملكه، ثم أرسل صلاح الدين الأيوبي وأسد الدين شركوه، إلى مصر، لضمها إليه.

 

وتولى شيركوه، الوزارة للخليفة العاضد آخر الخلفاء الفاطميين، على أنه لم يلبث أن توفي بعد شهرين فخلفه في الوزارة صلاح الدين الأيوبي، ونجح في إقامة الأمن واستتباب الأمور وتثبيت أقدامه في البلاد، وجاءت الفرصة المناسبة لإسقاط دولة الفاطميين فقطع الدعاء للخليفة الفاطمي ودعا للخليفة العباسي في أول جمعة من سنة خمسمائة وسبعة وستون من الهجرة، وكان لدخول مصر تحت حكم دولة نور الدين محمود دوي هائل، لا في مملكة بيت المقدس وحدها بل في الغرب الأوربي كله، وارتفعت الأصوات لبعث حملة جديدة تعيد للصليبيين في الشام هيبتهم وسلطانهم، وتوجه لمصر ضربات قوية، غير أن حملتهم على مصر لم تحقق أهدافها.

 

ليقظة صلاح الدين في مصر، وبنجاح نور الدين في ضم مصر إلى جبهة الكفاح، يكون قد حقق الحلقة الأخيرة من حلقات الجبهة الإسلامية تمهيدا للضربة القاضية، وقيل أن الملك العادل نور الدين محمود له قصة عجيبة، وهي قصة القبر وهي أن بعض الناس من النصارى أرادوا الاعتداء على قبر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأخذ جثمانه الشريف صلى الله عليه وسلم، وكان نور الدين محمود في دمشق، فرأى في المنام أن الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول أنقذني يا محمود، فقام، فسأل العلماء، فقالوا قبره يؤذى صلى الله عليه وسلم، فجهز جيشا عرمرما، ودخل المدينة وطوقوها بالجيش، ودعا الناس إلى وجبة الغداء، وقال من تخلف فاقتلوه.

 

فأتى الناس جميعا إلا مغربيين في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم تظاهرا بالعبادة، وهم نصارى، لكن تظاهروا بلباس المسلمين، قال هل بقي أحد؟ قالوا ما بقي إلا مغربيان، قال عليّ بهما، فلما أتي بهما، فإذا هما كما رآهما في المنام بجانب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يقول أنقذني ويشير إلى الاثنين، فسألهما، فلم يخبرا، قالوا عباد وزهاد، فأمر الجنود أن يجلداهما بالسياط، فجلدوهم فاعترفوا، فذهب فوجدهم قد حفروا تحت البساط إلى قبره صلى الله عليه وسلم، فصب ما حول القبر قيل بالرصاص وقيل بالفضة، فهو هناك إلى الآن، ثم أمر بقطع رأسي المغربيين، وكان من أقواله “إني لأستحي من الله تعالى أن يراني مبتسما والمسلمون محاصرون بالفرنج”

 

وكان يقول “إن الله خلق الخلق وشرع لهم شريعة وهو أعلم بما يصلحهم ولو علم أن في الشريعة زيادة في المصلحة لشرعها لنا فلا حاجة بنا إلى الزيادة على ما شرعه الله تعالى فمن زاد فقد زعم أن الشريعة ناقصة فهو يكملها بزيادته وهذا من الجرأة على الله وعلى ما شرعه، والعقول المظلمة لا تهتدي والله سبحانه يهدينا وإياك إلى صراط مستقيم” ومع بداية العهد العثماني ازداد عدد سكان المدينة ووصل في القرن الثالث عشر الهجري إلى عشرين ألف نسمة تقريبا، وفي القرن الرابع عشر الهجري ازداد عدد سكان المدينة عند وصلها بسكة حديد الحجاز، ووصل إلى ثمانين ألفا، لكنه عاد وانخفض انخفاضا حادا عندما قامت الحرب العالمية الأولى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى