دين ودنيا

نفحات إيمانية ومع الرسول وحجة الوداع ” الجزء الخامس”

نفحات إيمانية ومع الرسول وحجة الوداع ” الجزء الخامس”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع الرسول وحجة الوداع، وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة وكثرة الطواف أمرا يُتعجب منه” وإن لمكة المكرمة أسماء عديدة، كلها تحمل معاني الجلال والجمال، فهي مكة، وبكة والبيت العتيق، والبلد، والبلد الأمين، وأم القرى، والقادس، والمقدسة، والحاطمة، والأس، والبلدة، والبينة، والكعبة، والحرم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “إن هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا مَن عرّفها، ولا يُختلى خلاها”

ومكة أحب أرض الله إلى الله وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى قلب كل مسلم، وقد روي عن عبدالله بن الحمراء الزهري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بالحرورة بسوق مكة، يقول “والله إنك لخير أرض الله إلى الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت” ويأتي حب مكة في قلوب المسلمين استجابة لدعوة أبيهم إبراهيم الذي سماهم المسلمين حيث دعا الله قائلا “فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم” فالبيت الحرام مثابة للناس وأمن، شرّفه الله بإضافته إليه، فقال بيت الله الحرام، وجعله محلا تشتاق إليه الأرواح، ولا تقضي منه وطرا، ولو ترددت إليه كل عام، والبيت مطهر من الشرك، جعله الله للطائفين والعاكفين والركع السجود.

وهو حج الناس، وهو البيت المعظم المشرف المكرم من أراده، وإن مكة المكرمة هى مركز الأرض، وقد ذكر في آيتين من القرآن الكريم أن مكة سماها الله أم القرى، وأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بُعث لينذر أهلها ومَن حولها، والكتاب في الآيتين هو القرآن الكريم، وأم القرى هي مكة، ومن حول مكة العالمين، ولقد أرسل الله رسوله محمد صلى الله عليه وسلم للناس جميعا، وهذا ما تقرره آيات كثيرة وأن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أرسله ربه للناس جميعا، وأنه رحمة للعالمين، وهم كل شيء خلقه الله، ومن ثم فإن “ومن حولها” تشير إلى أن العالم أجمع حول مكة، وأن مكة في المركز، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.

“فضّلت على الأنبياء بست، أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وخُتم بي النبيون” رواه البخارى ومسلم، ورُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله “كانت الكعبة خشعة على الماء، فدحيت منها الأرض” وقيل حديث غريب، وعن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفا عليه، أنه أي البيت الحرام أول ما ظهر على وجه الماء عند خلق السموات والأرض زبدة، بفتح الزاي أي كتلة من الزبد بيضاء، فدحيت الأرض من تحته، ويقول ابن عباس رضي الله عنهما ووضع البيت على أركان قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام، ثم دُحيت الأرض من تحته، وقال مجاهد وقتادة لم يوضع قبله بيت.

وقال ابن كثير، يخبر تعالى أن أول بيت وُضع للناس أي لعموم الناس، لعبادتهم ونسكهم، يطوفون به ويصلون إليه، ويعتكفون عنده “للذى ببكة” يعني الكعبة التي بناها الخليل عليه السلام، وعن أبي ذر الغفارى رضي الله عنه قال، قلت يا رسول الله، أي مسجد وضع أولا؟ قال المسجد الحرام، قلت ثم أي؟ قال المسجد الأقصى، قلت كم بينهما؟ قال أربعون سنة، قلت ثم أي؟ قال ثم حيث أدركتك الصلاة فصلى، فكلها مسجد” ولا شك أن الكعبة المعظمة بُنيت مرات، وقد اختلف في عدد مرات بنائها، ويتحصل من مجموع ما قيل في ذلك أنها بُنيت عشر مرات، منها بناء الملائكة عليهم السلام، ومنها بناء آدم عليه السلام، ومنها بناء أولاده، ومنها بناء العمالقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى