مقال

نفحات إيمانية ومع الرسول وحجة الوداع ” الجزء الرابع”

نفحات إيمانية ومع الرسول وحجة الوداع ” الجزء الرابع”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الرسول وحجة الوداع، ولقد جعل الله عز وجل أمة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم خير الأمم، شرفها برسوله وكتابه وبطاعته واتباعه، وسماهم المسلمين، وكتب لهم أسباب النصر والبقاء والتمكين، وإن من فوائد القصة هو تجديد الله تعالى ذكرى هذه المرأة الصالحة هاجر أم إسماعيل، التي آمنت بالله تعالى حق الإيمان، وأسلمت لأمره وابتلائه، وسكنت مكة حيث لا أنيس، فرفعها إيمانها وصبرها حيث قالت “لا يضيعنا” وأصبح في هذه الشريعة من مناسك الحج ركنية السعي بين الصفا والمروة، ومن فوائدها امتنان الله على الأمة المسلمة بأن أجرى لها بئر زمزم، الماء المبارك الذي لا يزال يتدفق طيبا مباركا، ينتفع منه سائر الناس.

 

فقال صلى الله عليه وسلم “يرحم الله أم إسماعيل لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا” ومن فوائدها أن الشدائد لأهل الإيمان غالبا ما تنفرج عن نِعم ورخاء وبركات، وأن الله يجعل المنن في طيات المحن رحمة منه وتوفيقا وتيسيرا، فهذه هي الكعبة التي ابتناها الخليل عليه السلام، وتعبّد فيها وإليها عبر القرون تعبد خلق لا يحصيهم إلا الله تعالى، بناها الخليل، وبعث حولها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهما خير البشرية عليهما السلام، ويهدمها شرير من أشرار الناس عند فسادهم، وذهاب أهل الإيمان، وبين البناء والهدم تاريخ للكعبة حافل بالأحداث، مليء بسير الرسل والصحابة والعلماء والدعاة الطائفين والعاكفين في ساحات الكعبة.

 

وأخبار العبّاد والصالحين والركع السجود المجاورين عندها، فهذه قبلتكم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم لتفاخروا بها، وتتوجهوا إليها بقلوبكم كما توجهت إليها أجسادكم في صلواتكم، فتحققوا العبودية في أعلى درجاتها، وأسمى معانيها، فأروا الله تعالى من أنفسكم خيرا، فقال الحسن بن عمران ابن أخو سفيان بن عيينة رحمه الله “حججت مع عمي سفيان آخر حجة حجها سنة سبع وتسعين ومائة فلما كنا بمزدلفة وصلى المغرب والعشاء استلقى على فراشه، ثم قال قد وافيت هذا الموضع سبعين عاما أقول في كل سنة اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المكان، وإني قد استحييت من الله من كثرة ما أسأل ذلك، فرجع فتوفي في السنة الداخلة يوم السبت أول يوم من شهر رجب.

 

سنة ثمان وتسعين ومائة ودفن بالحجون، وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وقال ابن أبي ليلى” حج عطاء رحمه الله سبعين حجة، وكان قد عاش مائة سنة” وحج الشيخ ابن باز رحمه الله ستين حجة، فلما كان العام الذي توفي فيه وكان قد ناهز التسعين نهاه الأطباء عن الحج لمرضه وأكثروا عليه فامتثل أمرهم وفي قلبه لوعة، وفي صدره ضيق، وفي نفسه حزن وأسى، فما لبث أن مات بعد الحج في شهر الله المحرم، رحمه الله ورضي عنه، فإن بلوغ تلك الديار المباركة المقدسة نعمة عظيمة يتمناها مئات الملايين من المسلمين ولا يستطيعون، ولذا فإنه من تمام العقل والحكمة والديانة أن يحرص زائر البيت الحرام على وقته فيملأه بالذكر والدعاء والتلاوة ونوافل الصلاة وغيرها.

 

لما يرجى في تلك الرحاب الطاهرة المطهرة من الاستجابة والبركة ومضاعفة الأجور، فكان أنس بن مالك‪ ‬إذا أحرم لم يتكلم في شيء من أمر الدنيا حتى يتحلل من إحرامه، وكان شريح رحمه الله “وهو من كبار التابعين” إذا أحرم يكون كالحيّة الصماء من قلة حديثه مع الناس ودوام الاشتغال بالذكر والتفكر والخشوع لله، وحج مسروق بن الأجدع التابعي فما نام إلا ساجدا، يغلبه النوم في سجوده فينام لطول قيامه، وقال عبدالمجيد بن أبي روّاد عن السلف “كانوا يطوفون بالبيت خاشعين ذاكرين، كأن على رؤوسهم الطير، يستبين لمن رآهم أنهم في نسك وعبادة” وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في ترجمة الإمام ابن القيم “حج ابن القيم رحمه الله مرات كثيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى