مقال

الدكروري يكتب عن إياكم والوالدين ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن إياكم والوالدين ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثالث مع إياكم والوالدين، فالبر بالوالدين والإحسان إليهما، وصية الله لعباده، فقد قال سبحانه ” ووصينا الإنسان بوالدية إحسانا” وبر الوالدين والإحسان إليهما، هو خلق الأنبياء، ودأب الصالحين، حيث قال تعالى في وصف نبيه يحيى عليه السلام ” وبرا بوالدية ولم يكن جبارا عصيا” وقال عن عيسى عليه السلام ” وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا” وإن بر الوالدين والإحسان إليهما، من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه، فعن عبد الله بن مسعود قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال الصلاة على وقتها، قال ثم أي؟ قال ثم بر الوالدين، قال ثم أي؟ قال “الجهاد في سبيل الله” قال حدثني بهن، ولو استزدته لزادني، متفق عليه، ويقول ابن عباس رضي الله عنهما “إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله من بر الوالدة” رواه البخاري.

 

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، يقول جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنه في الجهاد، فقال “أحيّ والداك؟ قال نعم، قال ففيهما فجاهد” أي ابذل جهدك في إرضائهما وبرهما، فيكتب لك أجر الجهاد في سبيل الله، وإن من حقوق الوالدين على الأبناء هو طاعتهما وإجابة ندائهما، فإنه حق على الأبناء أن يطيعوا آباءهم في المعروف، وأن يلبّوا نداءهم ويستجيبوا لطلباتهم بكل حب وشوق وتطلع إلى خدمتهما، وبدون تردد أو تضجر أو كسل، فلهما قدم السبق والتقدم في التربية والرعاية والقيام بواجب الأبناء عليهم، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسع، منها “وأطع والديك، وإن أمراك أن تخرج من دنياك فاخرج لهما” رواه البخاري، أي إن أمراك أن تتخلى عن بعض أمور دنياك لتتفرغ لخدمتهما فعليك أن تطيعهما، فإن كان طلب الوالدين في معصية الله.

 

أو مما لا طاقة للأبناء به، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لكن لا ينبغي أن يُردّ ذلك الطلب بعنف وتضجر واستهزاء، بل برفق ولين وأدب وبيان وحُسن اعتذار، وفي ذلك يقول ربنا سبحانه وتعالي كما جاء في سورة لقمان ” وإن جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا” وهناك حديث عن رجل صالح يسمى علقمة والذي كان على فراش الموت ولم ينطق الكلمة ، ثم أرسل النبي صلي الله عليه وسلم لأمه التي قالت إنها كانت غاضبة منه لأنه كان يفضل زوجته عليها، ثم جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك الحطب وأخبر أمه بأنه سوف يحرق ابنها أمام عينها ، فقالت يا رسول الله إنه ابني ولا يطيق قلبي رؤيتك تحرقه أمامي، فقال النبي صلي الله عليه وسلم ” يا أم علقمة عقاب الله أشد وأبقى، فإذا أردت أن يسامحه الله فسامحيه.

 

والذي نفسي بيده لا تنفعه صلاته وصيامه وزكاته ما دمت غاضبة عليه” فسامحت المرأة ابنها، وبعد بعض الوقت مات بعض أن نطق الشهادتين، ويقول الحديث إن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك نادي في المهاجرين والأنصار وقال “إذا قدم أحدكم زوجته على أمه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين، فلن يقبل الله صدقته أو صالح عمله إلا أن يتوب لله تعالى، وأن يطلب عفو أمه ورضاها، وإن الله يظل غاضبا لغضبها” وقد قيل إن الحديث في مسند الإمام أحمد، وحكاية هذه القصة أنه كان الإمام أحمد رحمه الله قد أثبتها في مسنده في بداية جمعه لأحاديث الكتاب، وقد كان الجمع الأول يشتمل على كثير من الأحاديث الضعيفة والمتروكة، ثم بدأ الإمام رحمه الله بتنقية كتابه من هذه الأحاديث، فحذف هذه القصة فيما حذفه، ولكن قيل عن فائد بن عبد الرحمن قال سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول جاء رجل إلى النبي صلي الله عليه وسلم.

 

فقال يا رسول الله إن هاهنا غلاما قد احتضر يقال له قل لا إله إلا الله، فلا يستطيع أن يقولها، قال أليس قد كان يقولها في حياته ؟ قال بلى قال فما منعه منها عند موته؟ فذكر الحديث بطوله، ولم يحدث أبي بهذين الحديثين، وهما حديثين من طريق فائد عن ابن أبي أوفى وضرب عليهما من كتابه لأنه لم يرضي حديث فائد بن عبد الرحمن وكان عنده متروك الحديث، وأما بقية الحديث كما جاءت في المصادر الأخرى التي ذكرته، فهي كالتالي أنه قال فنهض رسول الله صلي الله عليه وسلم ونهضنا معه حتى أتى الغلام فقال يا غلام قل لا إله إلا الله، قال لا أستطيع أن أقولها، قال ولم ؟ قال لعقوق والدتي، قال أحية هي أي بمعني أهي علي قيد الحياة؟ قال نعم، قال أرسلوا إليها، فأرسلوا إليها فجاءت، فقال لها صلي الله عليه وسلم ابنك هو ؟ قالت نعم، قال أرأيت لو أن نارا أججت فقيل لك إن لم تشفعي له قذفناه في هذه النار”

 

قالت إذن كنت أشفع له، قال فأشهدي الله، وأشهدينا معك بأنك قد رضيت، قالت قد رضيت عن ابني، قال يا غلام، قل لا إله إلا الله، فقال لا إله إلا الله، فقال صلي الله عليه وسلم “الحمد لله الذي أنقذه من النار ” أخرجه العقيلي في كتاب الضعفاء الكبير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى