طرق بناء الأسرة

الدكروري يكتب عن طرق بناء الأسرة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 15 فبراير 2024

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة في الدارين وبعث فينا رسولا منا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة وإن كنا من قبل لفي ضلال مبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة وأشهد أن محمد عبده ورسوله أرسله الله للعالمين رحمة وأنزل عليه الكتاب والحكمة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، إن أساس بناء الأسرة في الإسلام قائم على المودة والرحمة، والمودة تعني المحبة وذلك أن المحبة تؤدي إلى إشباع حاجات ومشاعر صاحبها، والرحمة بمعنى الشفقة والرأفة وهي تؤدي إلى إشباع حاجات الطرف الآخر، وهذا المعنى يؤدي إلى إكتمال البناء النفسي والإجتماعي للأسرة بشكل متوازن، ولكل مجتمع طريقة مختلفة في طرق بناء الأسرة.

تختلف بإختلاف الثقافة والعادات والتقاليد والدين، ونحن نجد أن الإسلام أولى تكوين وبناء الأسرة أهمية بالغة لأنها أهم مكونات المجتمع وعليها تبنى الأمة، ولقد حدد ‏الإسلام أهم المواصفات التي بناء عليها يتم اختيار الزوجة التي بيّنها حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فحدد أهم شروط اختيار الزوجة وهو دينها، وتلك المواصفات نفسها من المال والحسب والجمال، كذلك تنطبق على إهتمام المخطوبة للخاطب لقبول خطبته لكن النبي صلى الله عليه وسلم أكد أهمية دينه وخُلقه، ولكن لماذا يعتني الإسلام بدين المخطوبة؟ ولماذا يؤكد على دين وأخلاق الخاطب؟ والسبب هو أن صاحبة الدين وصاحب الدين، رقابتهما ذاتية وهي مراقبة الله عز وجل، وبسبب هذه الرقابة يستشعران ضرورة حُسن العمل لأن صاحبه محاسب عليه.

وأقوى أنواع الرقابة هي الرقابة الذاتية، وهي أقوى وازع للسلوك الإنساني لعمل الخير كما أنها أقوى رادع له عن مسالك الشر، والمقصود بالدين في مواصفات المخطوبة أو الخاطب هو الدين الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في سُنّته الصحيحة، وليست تلك المفاهيم الشخصية للأفراد أو تلك العادات الخاطئة التي ينسبها البعض إلى الإسلام وهي بعيدة كل البعد عنه، ‏والمقصود بالخُلق في تلك الوصية النبوية هو كل ما يتخلق به الإنسان في تعامله مع الآخرين طوال حياته في جميع جوانبها، وليس ما يتظاهر به أمام الآخرين، ويخالف سلوكه داخل بيته ومع أهله، فحقيقة خُلقه هي ما يغلب على سلوكه ظاهرا وباطنا، ‏وليس عيبا ولا محرّما أن يرغب في المرأة المخطوبة الغنى والجمال والنسب.

لكن قول النبي صلى الله عليه وسلم “فاظفر بذات الدين تربت يداك” يحدد المعيار الذي يجب أن تبنى عليه الأولويات مع ملاحظة أنه الأساس المتين الذي تقوم عليه الرابطة الزوجية وبه أيضا تدوم، ثم تأتي المعايير بعده تباعا، وهذه المواصفات في الإسلام لبناء اللبنة الأولى لأسرة المستقبل مرتبطة تمام الإرتباط بمنهج الإسلام في الحياة وطريقة بنائها، وإرتباطها بخالقها وبمنهجه القويم الذي يريد للإنسانية أن تسير عليه، وواقع المجتمعات المعاصرة يؤكد صحة هذا المنهج وأفضليته، كما أنه يحقق الوقاية للأسرة والمجتمع، ونظرة فاحصة لحال الأسرة في العالم اليوم تؤكد أهمية هذه المعايير التي أكدها الإسلام لبناء الأسرة، ولا يقف الأمر عند هذه المعايير لتكوين الأسرة بل تستمر مصاحبة الإسلام لهذه الأسرة.

لتضع موازين العلاقة والسلوك فيما بين الزوجين ثم ما بين الأبوين والأبناء في مرحلة تالية، وكذلك العلاقات داخل الأسرة وخارجها، وهكذا في كل شؤونها لتمتد تلك العلاقات حتى تشمل المجتمع وتنتظمه كاملا، وبقدر إمتثال الأسرة لتلك المعايير الأخلاقية بقدر ما تتم صيانة المجتمع، وتزيد نقاوته ومثاليته، وبرغم تخلي كثير من المسلمين عن كثير من المعايير الأخلاقية التي دلهم عليها الإسلام إلا أنهم ما زالوا أفضل حالا في جانب الأسرة من المجتمعات غير المسلمة بكثير، فكيف سيكون الحال لو تمسكوا بمعايير دينهم بشكل أكبر؟

زر الذهاب إلى الأعلى