مقال

نسائم الايمان ومع ثمرات ذكر الله عز وجل “الجزء الرابع “

نسائم الايمان ومع ثمرات ذكر الله عز وجل “الجزء الرابع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع ثمرات ذكر الله عز وجل، وأن الذكر يجمع المتفرق، ويفرق المجتمع، ويقرب البعيد، ويبعد القريب، فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته، وهمومه وعزومه، ويفرق ما اجتمع عليه من الهموم، والغموم، والأحزان، والحسرات على فوات حظوظه ومطالبه، ويفرق أيضا ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره، ويفرق أيضا ما اجتمع على حربه من جند الشيطان، وأما تقريبه البعيد فإنه يقرب إليه الآخرة، ويبعد القريب إليه وهي الدنيا، وأن الذكر ينبه القلب من نومه، ويوقظه من سباته، وأن الذكر شجرة تثمر المعارف والأحوال التي شمر إليها السالكون، وأن الذاكر قريب من مذكوره، ومذكوره معه، وهذه المعية معية خاصة غير معية العلم والإحاطة العامة.

 

فهي معية بالقرب والولاية والمحبة والنصرة والتو فيق، وأن الذكر يعدل عتق الرقاب، ونفقة الأموال، والضرب بالسيف في سبيل الله عز وجل، وأن الذكر رأس الشكر، فما شكر الله تعالى من لم يذكره، وأن أكرم الخلق على الله تعالى من المتقين من لا يزال لسانه رطبا بذكره، وأن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى، وأن الذكر شفاء القلب ودواؤه، والغفلة مرضه، وأن الذكر أصل موالاة الله عز وجل ورأسها والغفلة أصل معاداته ورأسها، وأنه جلاب للنعم، دافع للنقم بإذن الله، وأنه يوجب صلاة الله عز وجل وملائكته على الذاكر، وأن من شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا، فليستوطن مجالس الذكر، فإنها رياض الجنة، وأن مجالس الذكر مجالس الملائكة.

 

ليس لهم مجالس إلا هي، وأن الله عز وجل يباهي بالذاكرين ملائكته، وأن إدامة الذكر تنوب عن التطوعات، وتقوم مقامها، سواء كانت بدنية أو مالية، أو بدنية مالية، وأن ذكر الله عز وجل من أكبر العون على طاعته، فإنه يحببها إلى العبد، ويسهلها عليه، ويلذذها له، ويجعل قرة عينه فيها، وأن ذكر الله عز وجل يذهب عن القلب مخاوفه كلها ويؤمنه، وأن الذكر يعطي الذاكر قوة، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يطيق فعله بدونه، وأن الذاكرين الله كثيرا هم السابقون من بين عمال الآخرة، وأن الذكر سبب لتصديق الرب عز وجل عبده، ومن صدقه الله تعالى رجي له أن يحشر مع الصادقين، وأن دور الجنة تبني بالذكر، فإذا أمسك الذاكر عن الذكر، أمسكت الملائكة عن البناء.

 

وأن الذكر سد بين العبد وبين جهنم، وأن ذكر الله عز وجل يسهل الصعب، وييسر العسير، ويخفف المشاق، وأن الملائكة تستغفر للذاكر كما تستغفر للتائب، وأن الجبال والقفار تتباهي وتستبشر بمن يذكر الله عز وجل عليها، وأن كثرة ذكر الله عز وجل أمان من النفاق، وأن للذكر لذة عظيمه من بين الأعمال الصالحة لا تشبهها لذة، وأن في دوام الذكر في الطريق، والبيت، والبقاع، تكثيرا لشهود العبد يوم القيامة، فإن الأرض تشهد للذاكر يوم القيامة، واعلم علم اليقين أنك في مأمنين، وفي بحبوحتين، وفي سلامتين، مأمن طاعة الله، ومأمن الاستغفار، ولو زلت القدم، ولو انحرفت المسيرة، ولو تاه الإنسان، فعليه أن يستغفر، فإذا استقام فهو في بحبوحة السلامة.

 

وإذا زلت قدمه فهو في بحبوحة الاستغفار، فإن أذنب ولم يعبأ ولم يستغفر فلينتظر تأديب الله عز وجل، فإن ذكر الله ينقذ الإنسان من وساوس الشيطان، فالشيء الذي ينبغي أن يفعله الإنسان في أكثر أوقاته هو ذكر الله تعالى، فيقول عليه الصلاة والسلام “آمركم أن تذكروا الله تعالى” رواه الترمذى، فالعبد لا ينقذ نفسه من الشيطان إلا بذكر الله، فلو لم يكن بالذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقا بالعبد ألا يفتر لسانه من ذكر الله تعالى، فإنه لا يحرز أي لا ينقذ نفسه من عدوه إلا بالذكر، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة، بالذكر تحصن من الشيطان، وبالغفلة يخترق الشيطان الإنسان، وإذا ذكر العبد ربه يخنس الشيطان، يخنس عدو الله، يتصاغر وينقمع، لهذا سمي الوسواس الخناس، ومعنى خناس أنه لمجرد أن تذكر الله عز وجل يخنس، ويتراجع، وينمحق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى