مقال

نفحات إيمانية ومع خطورة السرقة على المجتمع “الجزء الخامس”

نفحات إيمانية ومع خطورة السرقة على المجتمع “الجزء الخامس”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع خطورة السرقة على المجتمع، وإن المال الذي تنفقه الدولة على إنشاء هذه المرافق تدفع من خزينة الدولة، والخزينة هي أموال الشعب فقد ساهم كل مواطن بدفع جزء من هذه الأموال، والمال العام هو مصطلح يطلق على كل ما تملكه وتديره وتشرف على إنشائه الحكومة لغاية المنفعة العامة للشعب، فيكون المال العام على شكل نقود، أو أراضي، أو آليات، أو مباني، أو مرافق عامة، أو مؤسسات رسمية، أو شوارع، وبتعريف مختصر، هو كل شيء ينتفع منه عامة الناس، على العكس من مفهوم المال الخاص إذ إنه المملوك لأشخاص أو مؤسسات خاصة تعود بالربح على أصحابها، والمال العام يمثل خزينة الدولة.

 

وإيرادات خزينة الدولة من الشعب من خلال الضرائب، والجمارك، والبيع، التأجير وغير ذلك من أبواب الإيرادات الحكومية ومن يعتدي على المال العام بالسرقة أو التحريف فهو معرّض للمساءلة القانونية، وإن الحفاظ على الأموال العامة يتمشى حسب ثقافة المجتمع فعندما يدرك المواطن أن هذا الشارع أو أن أثاث المدرسة مدفوع ثمنه من أموال الشعب فإنه يتشكل عنده سلوك للحفاظ عليه من التلف، فالحفاظ على المال العام هو واجب أخلاقي أكثر منه واجبا قانونيا يحاسب عليه القانون، ولقد نبه الدين الإسلامي إلى أهمية الحفاظ على المال العام وصونه من التلف وجعله أمانة في ذمة من يقوم عليه، ومن يخون أمانته فله عذاب الآخرة وخزي الدنيا.

 

وما زال التاريخ يذكر من فضائل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان ينير سراج الدولة إذ كان يعمل بوظيفته وإذا انصرف إلى عمل خاص ٍأطفأه وأنار سراج بيته من ماله الخاص، فالحفاظ على المال العام يأتي من خلال الشخص المؤتمن عليه، ومن الشخص المستفيد من خدمة المال العام، فقصة نبى الله يوسف عليه السلام ليست ببعيدة عنا عندما قال لفرعون مصر “اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم” وقول الفتاة التي قالت لوالدها بحق نبى الله موسى عليه لسلام” يا أبتى استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين” وحول أسباب ظاهرة الاعتداء على المال العام، مما يجب الإشارة إليه أن الاعتداء على المال العام يكون لأسباب شتى من بينها.

 

هو ضعف القيم الإيمانية والأخلاقية لدى العاملين عليه والمتعاملين به أو معه، من حيث عدم الالتزام بالأمانة والصدق، والعفة والنزاهة، وما نجم عن ذلك من الفساد الاجتماعي والاقتصادي مما يلزم معه ضرورة حماية المال العام من السارقين والمختلسين، والغلولين والمرتشين، والمرابين، ومن أكلة السحت، وممن يأكلون أموال الناس بالباطل، ومن المتربحين من الوظائف العامة نظرا لتفشى المحسوبية والمجاملات الشخصية، وممن يتلفون ويسرقون ويضيعون المال والوقت، وممن يستغلون المال العام لمنافعهم ومآربهم الشخصية من دون الناس جميعا، لأنهم سببوا أضرارا جسيمة بالناس وبالمجتمع وبالوطن، فالمال العام إذن ملك للناس جميعا.

 

وليس ملكا لفئة معينة من الناس، والقائمون عليه إنما هم أمناء في حفظه وتحصيله، وصرفه لأهله، فلا يحل لأحد أن يعتدي عليه، أو يأخذ منه ما لا يستحق، لأن ذلك يعد خيانة وظلما واعتداء على المسلمين جميعا، ومن يسرق شيئا من المال العام فهو بذلك يسرق من الأصول الرئيسة التي بها حماية وصيانة المجتمع من المجاعات والشدائد والأَزمات مع العلم أنه بسرقته من المال العام فهو يخرب في مال نفسه لأن المال العام لكل فرد نصيب فيه، فمن اعتدى على هذا المال وأخذ منه شيئا دون وجه حق، فكأنما اعتدى على مال نفسه وسرقه، وعلى أن نشير هنا إلى أنه إذا كان الاعتداء على المال العام يعد ذنبا عظيما، فإن الواجب على من أخذ منه شيئا أن يتوب إلى الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى