مقال

نفحات إيمانية ومع التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء الثانى “

نفحات إيمانية ومع التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء الثانى ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع التخطيط والهجرة النبوية، ولقد أوضحت لنا الهجرة النبوية المباركة قيمة الأمل وعدم اليأس فى أكثر من موقف للنبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم، ومع الاضطهاد والتعذيب لم يثنهم شيء عن دين الله عز وجل حيث كان النبى صلى الله عليه وسلم قد يعرض نفسه على القبائل فيقول “ألا رجل يحملنى إلى قومه؟ فإن قريشا قد منعونى أن أبلغ كلام ربي” فرفضت كل القبائل ولم يستجب إلا الأنصار فكانت بيعة العقبة الأولى والثانية ثم الهجرة المباركة، فقال النبى صلى الله عليه وسلم لخباب رضى الله عنه لما شكا له ” والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون” رواه البخاري.

 

ويبرز في الهجرة أهمية توزيع الأدوار، والأخذ بالأسباب مع صدق التوكل على مسبب الأسباب، ويجب أن يكون إدارة الأزمات بالقيم، فكان الإمام علي بن أبي طالب ينام مكان الرسول صلى الله عليه وسلم لرد الأمانات، وقت الأزمة، لقوم يتآمرون على قتله، وأهمية اتخاذ القرار والاعتماد على الأكفاء أرباب الكفاية، فقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم، من عبد الله بن أريقط دليلا له في الهجرة على الرغم من كونه مشركا على دين قريش لما يتمتع به من كفاءة قيمية، وكفاءته الأخلاقية منعته من الطمع في المائة ناقة، التي راصدتها قريش لمن يدل على النبى صلى الله عليه وسلم وصاحبه، كما أن طريق الهجرة بالنزول إلى الجنوب اتجاه اليمن رغم أن المدينة في الشمال.

 

ثم التوجه ناحية الغرب اتجاه البحر، ثم السير إلى الشمال فيه ملمح من الخروج عن التفكير المنطقي والتفكير بطريق عكسي لأن الأفكار التقليدية عند لحظات المأزومية لا تعطي النتائج المرجوة، فالأمر يحتاج للتفكير خارج الصندوق، وأن الهجرة علمتنا التضحية حين ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم بلده التي ولد فيها وترك أقرباءه وعشيرته قال وهو يغادرها حزينا متألما لترك وطنه والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت، وسار على نهج النبي صلى الله عليه وسلم صحابته، فهذا صهيب الرومي حين أراد الهجرة قالت له قريش جئتنا صعلوكا حقيرا فكثر مالك عندنا، لو أردت الخروج أترك مالك.

 

فترك لهم المال والراحلة والعباءة، ولذلك خرج لاستقباله صلى الله عليه وسلم وقال “ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى” ومن ثم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحكم خطة هجرته، وأعد لكل فرد عدته ولم يدع في حسبانه مكانا للحظوظ، ثم توكل بعد ذلك على من بيده ملكوت السموات والأرض، بعد أن كتم أسرار سيره فلم يطلع عليها إلا من لهم صلة ماسة، ومن هنا جاء التوفيق والمدد والعون من الله، وإن الإحتفال بهجرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والتي كانت بمثابة دروس إسلامية حياتية، قدمها النبي صلى الله عليه وسلم لسائر الناس، ومن هذه الدروس الإيثار والمؤاخاة، التي نفتقدها اليوم في البيت الواحد، والأسرة، ونشعر بالحرمان منها.

 

فالخلافات التي بيننا ذهبت بعزتنا وذهبت بكرامتنا، وذهبت بالإنسانية التي علمنا إياها النبي صلى الله عليه وسلم، فمن منا لا يزال يعفو ويصفح؟ ومن منا لا يفرح بذلة لأخيه؟ فكم نحتاج إلى مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم في إعادة هذه الدروس المفتقدة في تلك الأيام، وأيضا في مثل هذه الذكرى نتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا من الهجرة أن الحياء والحياة في العمل، وليس في البطالة، وعدم الاعتماد على الغير، كما قال الصحابى الجليل عبدالرحمن بن عوف رضى الله عنه، دلوني على السوق، وهناك دلالات كثيرة في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم حينما دخل المدينة المنورة، وتم بناء أول مسجد فيها، وهو مسجد قباء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب في المسجد، وكان يدرس في المسجد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى