مقال

نفحات إيمانية ومع التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء التاسع “

نفحات إيمانية ومع التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء التاسع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع التخطيط والهجرة النبوية، وإن التخطيط يتم فيه تحديد أولويات الأعمال أولا، فيبدأ صاحب الشخصية المتميزة بالأهم ثم المهم وهكذا، ثم يضع الخطط للتنفيذ، لا أن تشغله صغار الأمور عن عظامها، والتخطيط يكون للأمور الكبيرة والإستراتيجية، وكذلك الأمور الصغيرة على حد سواء، فالمرء يخطط لحياته ومستقبله ومصيره في الخاتمة، ويخطط لدراسته وربما لدراسته العليا، ويخطط لزواجه ويخطط لإنجاب الأطفال وتربيتهم، وكلها أمور إستراتيجية بالنسبة للإنسان، وربما مصيرية، وفي نفس الوقت المطلوب أن يخطط لشراء ثوب أو ملابس، أو حذاء، وهي أمور صغيرة، وربما صغيرة جدا، ولكنها بالتأكيد تحتاج لتخطيط.

 

وهنا سؤال يفرض نفسه وهو أنه كم مرة ذهبت للسوق لشراء ثياب أو حذاء وعدت خالي الوفاض؟ وكم من المرات اشتريت قميصا أى ثوبا لا يناسبك أو أي حاجة أخرى تضطر في النهاية إلى رميه، أو إعطائه لشخص آخر، أو التخلص منه بأية وسيلة لأنه أصبح عقدة تذكرك بشيء مؤلم؟ فهل سألت نفسك لماذا حدث ذلك؟ فإن الجواب ببساطة هو أنك لم تخطط مسبقا للأمر، ومن يكره التخطيط فهو حتما من النوع الذي لا يحب الالتزام أو النظام، ويحاول الانفلات من أي التزامات، ويقول تعالى “إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثانى اثنين إذ هما فى الغار” وكلمة نصر بالفعل الماضي، يعني نصره الله قبل وجوده في الدنيا، ونصره قبل تكليفه بالرسالة.

 

ونصره قبل نزول الوحي على حضرته، لأن الله نصره قبل خلق الخلق عندما اختاره رسولا ونبيا لخير أمة أخرجت للناس، واختاره لينزل عليه خير كلام أنزله الله عز وجل للناس، ونصره من قبل القبل، بل إنه سبحانه وتعالى أخذ الميثاق على النبيين والمرسلين أن يؤمنوا به، وأن يتبعوه، وأن ينصروه، وقال في ذلك في قرآنه الكريم “وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به” وهذه واحدة، ثم قال تعالى “ولتنصرنه” وهذه هي الثانية، ثم قال تعالى ” قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين” فكان لزاما على كل نبي أن يبين لأمتة أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم.

 

ورسالة النبي صلى الله عليه وسلم، ومكان دعوته، وموطن هجرته، ويطلب ممن يحضر زمنه منهم أن يسعى إلي نصرته، للعهد والميثاق الذي أخذه عليه الله عز وجل، ولذلك فإن الأنصار كان لهم السبق في تلبية دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، في الهجرة، لماذا ؟ لأنه سكن معهم في المدينة بِضع قبائل من اليهود، وما الذي أتى باليهود إلى المدينة؟ كان هؤلاء اليهود يسكنون في بلاد الشام، وكان عندهم في التوراة أوصاف النبى صلى الله عليه وسلم، ومكان ميلاده، ومبدأ دعوته، ومكان هجرته ودولته، فعلموا أنه سيهاجر إلي مدينة ذات نخل وهي يثرب فتركوا بلاد الشام مع كثرة خيرها، وكثرة مائها وأنهارها، وجاءوا إلي المدينة ليسكنوا فيها.

 

طمعا في أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم الذي سيرسله الله في آخر الزمان منهم، ولذا عندما سُئل الأنصار عن هذا النبي قالوا عرفنا أن هذا النبي هو نبي آخر الزمان، الذي سمعنا اليهود يذكرونه فأردنا أن نسبقهم إلي إتباعه، فكان هذا من نصرة موسى لنبينا بذكره في التوراة، بل أنه ذكره وذكر أصحابه كما قال الله في كتابه فى سورة الفتح ” محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراه” والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أنه لابد أن يهاجر من لحظة نزول الوحي عليه، فإنه عندما نزل الوحي لأول مرة في غار حراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى