مقال

نفحات إيمانية ومع كلام المصطفي العدنان ” جزء 9″

نفحات إيمانية ومع كلام المصطفي العدنان ” جزء 9″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع كلام المصطفي العدنان، وقد نشأ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في قومه يتيما دون أب، فقد ظل مع أمه التي سعت إلى التماس المراضع له منذ صغره، فأرضعته مُبكرا مولاة أبي لهب، وتدعى ثويبة، ثم أخذته أمه إلى ديار بني سعد، التماس مُرضعة له من الأعراب، فأرضعته هناك السيدة حليمة السعدية، وبقي عندها زمانا، وحصلت له في تلك الديار حادثة شق الصدر، حين أتاه جبريل عليه السلام، فشق عن صدره، وأخرج قلبه، فشقه نصفين، ثم أخرج منه قطعة سوداء، وهي حظ الشيطان منه، ثم غسل القلب بماء زمزم، ثم لأم قلبه، وأعاده إلى مكانه، ثم أعادته مُرضعته إلى أهله، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أمه حتى كتب الله عليها الوفاة.

 

وذلك حينما كانت برفقة نبي الله صلى الله عليه وسلم في زيارة لأخواله من بني النجار في المدينة المنورة، وبعد وفاة أمه، كفله جده عبد المطلب، ثم ما لبث أن توفى، وكان عُمر النبى ثمانية أعوام، ثم كفله عمه أبو طالب، فنشأ في بيته، وحينما عاين النبى صلى الله عليه وسلم فقر عمه، قرر مساعدته في تحمل نفقات البيت، فرعى غنم قريش زمانا، ثم عمل مع عمه في التجارة إلى الشام، وفي إحدى رحلاتهم التجارية إلى الشام، لاحظ أحد الرهبان حين كان يتعبد في صومعة له علامات تدل على وجود نبى في تلك القافلة، فخرج إلى القوم مُخبرا إياهم بأمر محمد صلى الله عليه وسلم، وكيف أنه سيكون نبيّا في آخر الزمان، والمبعوث رحمة للعالمين، وأخبرهم بما رأى من حاله.

 

ومن ذلك سجود الشجر، والحجر له، وتظليل الغمامة له أثناء مسيره، وشباب النبى صلى الله عليه وسلم واشتهر في شبابه بالصدق، والأمانة، وعُرف بهما بين أقرانه، وحينما ذاع صيته بين الناس، أوكلته السيدة خديجة رضي الله عنها بالتجارة بأموالها، وكانت امرأة عاقلة، وصاحبةَ أموال، فنجح النبي صلى الله عليه وسلم بإدارة أموالها، وأدر عليها الكثير من الربح بفضل حنكته، ومهارته في التجارة، فدعته السيدة خديجة إلى خطبتها، لما رأت من مقام له بين الناس، وخبرته من أخلاقه، فتزوجها النبى صلى الله عليه وسلم، وكان عمره خمسا وعشرين سنة، بينما كان عمرها أربعين سنة، ولقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم،على مشاركة أصحابه الشدة والألم والجوع.

 

فقد دعاهم وهم يعانون الجوع في الخندق إلى الطعام الذي جهزه له جابر بن عبد الله رضي الله عنه، ليشاركوه فيه رغم قلته، فقال النبى صلى الله عليه وسلم ” يا أهل الخندق، إن جابرا قد صنع لكم سورا فحى هلا بكم ” ولقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم،على مشاركة أصحابه في حل المشاكل التي كانت تواجههم، وذلك ببث التفاؤل في نفوسهم وتبشيرهم بنعيم الآخرة، أو بمباشرة الحل عمليّا، كأمره لأصحابه بالتصدق على الصحابي الذي جاء يشتكي دينه بقوله صلى الله عليه وسلم ” تصدقوا عليه، فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لغرمائة، خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك ”

 

بل إن مفتاح الجنة في تباع السنة، ففي صحيح البخاري قال عليه الصلاة والسلام “كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا ومن يأبى يا رسول الله؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ” وكذلك فإن الإعتصام بالسنة وإتباعها عصمة من الضلال ونجاة من الفتن، فقال عليه الصلاة والسلام “تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتي” رواه الحاكم، وقال عليه الصلاة والسلام في وصيته التي وصّى بها أصحابه “أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمّر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ” رواه الحاكم والبيهقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى