مقال

نفحات إيمانية ومع آفات المعاملات ” الجزء الثالث “

نفحات إيمانية ومع آفات المعاملات ” الجزء الثالث ”

إعداد / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع آفات المعاملات، وأيضا من عجائب المعاملات الصادقة، ما رواه الطبرانى، أن جرير بن عبد الله البجلى رضى الله عنه أمر مولاه أن يشترى له فرسا، فاشترى له فرسا بثلاثمائة درهم، وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن، فقال جرير لصاحب الفرس “فرسك خير من ثلاثمائة درهم، أتبيعه بأربعمائة درهم؟ قال ذلك إليك يا أبا عبد الله، فقال فرسك خير من ذلك، أتبيعه بخمسمائة درهم؟ ثم لم يزل يزيده مائة فمائة، إلى أن بلغ ثمانمائة، فاشتراه بها، فقيل له في ذلك فقال “إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم” وإن من مظاهر البيع والشراء عندنا هو كثرة الحلف بحق وبغير حق.

 

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيأتي بعده قوم “يشهدون ولا يُستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يفون، ويحلفون ولا يُستحلفون ” متفق عليه، ومن خطير الوعيد قول النبي صلى الله عليه وسلم “ثلاثة لا ينظر الله إليهم غدا، شيخ زان، ورجل اتخذ الأيمان بضاعة يحلف في كل حق وباطل، وفقير مختال يزهو” رواه الطبرانى، فكم من التجار يحلفون إن سلعتهم من النوع الرفيع دون أن يسألهم المشتري، ما يريد إلا تزيين سلعته؟ وبعضهم يحلف إنه أعطي من الثمن كذا وكذا وهو كاذب، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم، رجل حلف على سلعة لقد أعطى بها أكثر مما أعطي وهو كاذب،

 

ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم، ورجل منع فضل ماء، فيقول الله اليوم أمنعك فضلى كما منعت فضل ما لم تعمل يداك” رواه البخارى، فالحلف وإن تحصّل من ورائه مال كثير، غير أنه ممحوق البركة لا خير فيه، كما قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” الحلف منفقة السلعة، ممحقة للكسب” متفق عليه، وفى رواية أبى داود قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” ممحفة البركة” وبعض البائعين يحلف إنه لن يبيعها بثمن كذا، ثم هو يبيعها، ولا يدري أنه بعمله هذا قد جعل آخرته في خطر، فعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه قال مر أعرابى بشاة، فقلت “تبيعها بثلاثة دراهم؟ فقال “لا والله” ثم باعها.

 

فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال”باع آخرته بدنياه” وقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” إياكم وكثرة الحلف فى البيع فإنه ينفق ثم يمحق” رواه مسلم، ولقد فطن القانون الجنائي عندنا في شقه المتعلق بالزجر على الغش في البضائع، وشدد العقوبة على البائعين الغششة المحتالين، فنص فى الفصل الأول على عقوبتهم بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات، وهكذا يجب على الإنسان المؤمن أن يتحرى الحلال في المعاملة، والصدق في البيع والشراء، لقول الله تعالى” يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم” فالأرزاق مقسومة، والآجال مضروبة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “إنه ليس شيء يقربكم إلى الجنة إلا قد أمرتكم به، وليس شيء يقربكم إلى النار إلا قد نهيتكم عنه”

 

إن روح القدس نفث في روعى، إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته” وقال النبي صلى الله عليه وسلم”إني لأرجو أن ألقى ربى وليس أحد يطلبنى بمظلمة فى دم ولا مال” رواه ابن ماجة، ولأن تؤتى إيمانا يسددك، خير من تؤتى مالا يشغلك، فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه “إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يؤتى المال من يحب ومن لا يحب، ولا يؤتى الإيمان إلا من أحب، فإذا أحب الله عبدا أعطاه الإيمان”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى