غير مصنف

نفحات إيمانية ومع إياكم من الزواج ثم الطلاق ” جزء 5 ” 

نفحات إيمانية ومع إياكم من الزواج ثم الطلاق ” جزء 5 ”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع إياكم من الزواج ثم الطلاق، فقال عمر بن الخطاب فلقيت أبا بكر الصديق فقلت، إن شئت زوّجتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر فلم يرجع إليّ شيئا، وكنت أوجد عليه مني على عثمان، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال لعلك وجدت عليّ حين عرضت عليّ حفصة فلم أرجع إليك شيئا، فقال عمر، قلت نعم، قال أبو بكر، فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت عليّ إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها رسول الله عليه وسلم قبِلتها” وهذا نبى الله شعيب يعرض ابنته على نبى الله موسى عليه السلام.

 

المطارد من فرعون وقومه فقال الله تعالى فى سورة القصص ” قال إنى أريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين” ولقد أمر الله تبارك وتعالى بإنكاح الأيامى أمرا مطلقا ليعم الغني والفقير، وقد بين أن الفقر لا يمنع التزويج، فقال سبحانه وتعالى فى سورة النور ” وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ” فالأرزاق بيده سبحانه، وهو قادر على تغيير حال الفقير حتى يصبح غنيا، وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد رغبت في الزواج وحثت عليه، فإن على المسلمين أن يبادروا إلى امتثال أمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بتيسير الزواج وعدم التكلف فيه، وبذلك ينجز الله لهم ما وعدهم.

 

فقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه “أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى” فإن غلاء المهور هو سبب رئيسى لقلة الزواج، وكثرة الأيامى، وانتشار الفساد، والتبرج والسفور، والفتن والعري، والشهوات والرذائل، وانتشار الزنا وتنوع الشذوذ، وانتشار العنوسة، وظهور الأمراض الاجتماعية والنفسية، والفقر وعدم البركة في الزواج، وإن غلاء المهور أيضا هو غش من الولي لموليته، وعدم إدراك لقيمة الزواج وأهدافه الرئيسية، وإن المغالاة في المهور تَجعل الزوجة كأنها سلعة تباع وتشترى، مما يخل بالمروءة، وينافي الشيم ومكارم الأخلاق، وإن ظاهرة غلاء المهور لها أسباب كثيرة، ولعل أبرزها وأهمها هو رغبة الزوج.

 

في الظهور بمظهر الغني القادر على تكاليف الزواج، وحرصه على إرضاء أولياء الزوجة، وقد حذر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الشباب من هذه الظاهرة، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني تزوجت امرأة من الأنصار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ” هل نظرت إليها؟ فإن في عيون الأنصار شيئا ” قال قد نظرت إليها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ” على كم تزوجتها؟ ” قال على أربع أواق، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم”على أربع أواق؟ كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك” وإن عدم إدراك بعض الأولياء لقيمة الزواج وأهدافه الرئيسية.

 

كالسكن والرحمة والمودة، وكالاستمتاع والإنجاب، وتربية الأولاد الصالحين، والتقارب الاجتماعي، وغض البصر وحفظ الفرج، وإشاعة الفضيلة والحد من الرذيلة في المجتمع، وغيرها من الأهداف ويقحم كثيرا من الأولياء إلى المغالاة في المهور، والجدير بهم كمسلمين أن يستشعروا ويستحضروا هذه الأهداف النبيلة، لتكون لهم دافعا لتحصين الشباب وتزويجهم، وإن هذه القدوة الحسنة فى الزواج يزفها إلينا التاريخ، وإنها زواج شريح القاضي، الذي ولاه عمر بن الخطاب قضاء الكوفة فمكث فيه ستين سنة، وضرب بعدله المثل، وقيل أنه مر عليه الشعبي يوما، والشعبي هو أعلم التابعين كما قال زيد عن مكحول، أعلم التابعين الشعبي، فيقول التقى شريح بالشعبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى