مقال

نفحات إيمانية ومع الإحسان إلى الخلق ” جزء 8 “

نفحات إيمانية ومع الإحسان إلى الخلق ” جزء 8 ”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع الإحسان إلى الخلق، فإن من إشراقات عظمة الإسلام وجلاله وسمو أخلاقه وكماله، وبيان تكافله وجماله، تلكم الأواصر الاجتماعية السامية، والوشائج الروحية النامية ، والأخلاق الإنسانية الحانية، لاسيما في زمن البخل الجموع، وثراء اليد المنوع، فإن البذل والعطاء والإنفاق والسخاء خُلف ونماء، وصفة لمالك الأرض والسماء، فقال الله تعالى ” بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء” وقال صلى الله عليه وسلم ” يد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار ” متفق عليه، لكن لا يغيبن عن علمكم أن المال مال الله، وأن الله مستخلفكم فيه، فينظر كيف تعملون ثم اعلموا أن التفاوت في الأرزاق، حكمة من المولى الرزاق.

 

فسبحانه وتعالى القائل ” وآتوهم من مال الله الذي آتاكم” فإن المال تمحيص للأغنياء وابتلاء للفقراء فكل يغدوا في ميدان التسابق ويجري في مضمار التلاحق ليبتلي الله الشاكر ويعلم الصابر، فيا أيها الأغنياء الموسرين، تفقدوا الفقراء المنكسرين، والمساكين المعوزين، تكونوا من الفائزين، وتنالوا رضا العزيز العليم ، فإن هناك من الفقراء من لا تعرفونهم وبالكاد تتوسمونهم فاسألوا عنهم من تثقون بهم، ويدرون بحالهم، وأن هناك فئة ضلت الطريق القويم، وانحرفت عن الصراط المستقيم وربما يُجزم الجازم والعارف الفاهم، أنهم ليسوا بحاجة، بل نتوءآت خرّاجة ترمقهم أمام الساجد، وعند أبواب المساجد، ليس في وجوههم مزعة لحم تفاقم خطرهم وعم، يتحيلون بكلمات معسولة.

 

وأجساد كسولة ووجوه مغسولة، لاستدرار الأموال وحالهم أحسن الأحوال، عن الحاجة بعيدين وعن الفقر شاسعين وقد بذل لهم الوصية، خير البشرية، ورحيم الإنسانية، حيث قال لهم صلى الله عليه وسلم ” لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا، فيعطية أو يمنعه” رواه البخاري ومسلم، فنعوذ بالله أن نقول زورا، أو نغشى فجورا، لكنها فئة ما فتئت تعبث ببيوت الله حتى غدت المساجد لهم مكسبا، ولتسولهم مغنما، وإنما بنيت المساجد لإقامة شعائر الله وذكره وعبادته وشكره، ثم اعلموا أن ما تقدمونه من أموالكم ستحاسبون عليه، وتوقفون من أجله، فتخيروا لأموالكم المساكين المحتاجين والمنكسرين المعوزين فالفقير المدقع والجائع المتوجع.

 

هو من تسأل عنه أنت وإذا رأيته لنت، وأن المتسولين يجهشون بالبكاء، ويشحذون بخبث ودهاء ، يستزيدون من جمر جهنم، يرومون تجارة ومغنم، ومكسبا محرم، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من سأل الناس أموالهم تكثرا، فإنما يسأل جمرا، فليستقل أو ليستكثر” متفق عليه، وتذكروا أطفالا أيتاما مات عنهم آباؤهم إلزاما، فتذكروا حقهم إعظاما، كانوا بين الآباء والأمهات، واليوم فقدوا الحنان والإخبات وحسن الرعاية والإنبات، يرون الصغار حولهم سعداء وهم فقراء تعساء فأين اليد العطوف والقلب الرءوف الذي يمسح دمعة اليتيم، ويرغب في الجنة والنعيم ، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى” رواه البخاري، ألا لا تغفلوا عن الثكالى والأرامل فقد أثقلهن حمل الكواهل، فالله الله أيها المؤمنون، اكفلوا الأيتام المحتاجين وارعوا الأطفال الملتاعين، أغنوهم عن السؤال المحرج الشديد وأفرحوهم بلبس الجديد، فذلكم الفوز يوم المزيد، فإن الصدقة فرصة عظيمة لإدخال السرور على شفاه الثكالى العُسّر، ومنة كريمة لإضحاك الأرامل والقصّر، فأجر ذلك أعظم وأجزل، وأكبر وأنبل، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم لا يفتر، والصائم لا يفطر” رواه البخاري ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى