مقال

نفحات إيمانية ومع الحديث المرسل والمتواتر والآحاد “جزء2”

نفحات إيمانية ومع الحديث المرسل والمتواتر والآحاد “جزء2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع الحديث المرسل والمتواتر والآحاد، وإن الحديث المتواتر هو الحديث المنسوب للنبي صلى الله عليه وسلم في أعلى درجات الصحة والثبوت، ويعتقد المسلمون باستحالة تواطؤ الجماعة الذين رووه على الكذب، ويطلق على ما نقله من يحصل العلم بصدقهم ضرورة عن مثلهم من أول الإسناد إلى آخره، وهو قليل لا يكاد يوجد في روايتهم، وإن الخبر المتواتر ما بلغت رواته في الكثرة مبلغا أحالت العادة تواطئهم على الكذب ويدوم هذا فيكون أوله آخره ووسطه كطرفيه كالقرآن والصلوات الخمس، وحكمه أنه يقبل ويجب العمل به دون البحث عن درجته، وأما عن شروط الحديث المتواتر وتعريفه، أنه إذا جمع هذه الشروط الأربعة.

 

وهي عدد كثير لا يواطئون، ولا يتوافقون على الكذب، ورووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء، وكان مستند انتهائهم الحس، وانضاف إلى ذلك أن يصحب خبرهم إفادة العلم لسامعه، فهذا هو المتواتر، وما تخلفت إفادة العلم عنه كان مشهورا فقط، فكل متواتر مشهور من غير عكس، ويتفرع التواتر إلى فرعين، وهما التواتر اللفظي، وهو اتفاق الرواة على لفظه ومعناه، والتواتر المعنوي، وهو ما اختلف الرواة في لفظه، وإن التواتر في اللُغة يعني التتابع، فيقال تواتر الناس أي جاء بعضهم إثر بعض، وتواتر الأنبياء أي خلف بعضهم بعضا في الدعوة، وفي اصطلاح المُحدّثين هو الحديث الذي رواه عدد كثير في كل طبقة من طبقاته يستحيل اتفاقهم.

 

وتواطؤهم على الكذب، بحيث يكون رواته كذلك من أول الإسناد إلى آخره دون انقطاع، والمستند إليهم الحسّ، وفيما يأتي بيان لمصطلحات التعريف وهو جمع كثير أي من غير تقييد لهم بعدد معيّن، وإنما المقصود هو استحالة اتفاقهم على الكذب، وذهب بعض المحدّثين إلى تعيين العدد وهو سبعين، فيكون الحديث متواترا، واستدلوا بقوله تعالى ” واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا” وقيل هم أربعين، وقيل هم اثنا عشر، وقيل هم أربعة، لأنه العدد المعتبر في شهادة الزنا، والأصل أنه العدد الذي يحصل به العلم اليقيني، عن مثلهم من أول السند إلى منتهاه، فيخرج بذلك حديث الآحاد وهو ما رواه واحد في بعض طبقاته، ثم تواتر بعد ذلك.

 

كان مستندهم الحس فيخرج بذلك القضايا العقائدية التي تستند إلى العقل كوحدانية الله تعالى، ويخرج به القضايا العقلية البحتة، كأن يقال إن الواحد نصف الاثنين، ومن الأمثلة على الحديث المتواتر قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم ” من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار” فقد روى هذا الحديث أكثر من سبعين صحابيا، وذهب المُحدّثون إلى أنه لا يشترط في رجال الحديث المتواتر ما يشترط في رجال الصحيح أو الحسن من العدالة والضبط لأن العبرة بكثرتهم تجعل العقل يحكم عليهم باستحالة اتفاقهم على الكذب، فقرر المُحدثون أن الحديث المتواتر لا يدخل في علوم مصطلح الحديث لأن المتواتر لا يحتاج إلى بحث بخلاف غيره من الأحاديث.

 

ولا زالت السنة النبوية الشريفة تمثل المصدر الذي لا تختلف الآراء على قبوله والالتفاف حوله عند ثبوت النص في صحته وسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زالت سنته الشريفة هي المعين الطيب الذي يستقي منه المسلم فكره، وعقيدته وثقافته حيث إن فهم السنة يمثل الأساس الأهم في بناء عقل المسلم وتصحيح مسيرته وإعادة الفقه المعرفي والثقافي والحضاري للأمة، وتعد السنة النبوية شارحة ومفصلة للقرآن الكريم والأحاديث القدسية، وإن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى المنزل على نبيه لفظا والمعنى والمتعبد بتلاوته، والمتحدي المنقول إلينا بالتواتر أى نقل جمع عن جمع، بما تحيل العادة تواطؤهم على الكذب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى