مقال

نفحات إيمانية ومع مكانة الشهيد عن ربه عز وجل ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع مكانة الشهيد عن ربه عز وجل ” جزء 2″

بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع مكانة الشهيد عن ربه عز وجل، فأتى عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “يا رسول الله، إن بنى هؤلاء يمنعون أن أخرج معك والله إني لأرجو أن أستشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة” فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد” وقال صلى الله عليه وسلم لبنيه ” وما عليكم أن تدعوه، لعل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة” فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل يوم أحد شهيدا” وذلك لإنه خرج يريد الشهادة بصدق مع أنه قد تجاوز الستين من العمر، فرزقه الله عز وجل الشهادة لأنها رزق، ولا ينال هذا الرزق العظيم إلا من يسره الله له، ومن الشهداء هو حنظلة بن أبي عامر رضى الله عنه.

 

وكان حنظلة قد ألمَّ بأهله أى بمعنى جامع زوجته، حين خروجه إلى أحد، ثم هجم عليه الخروج في النفير فأنساه الغسل أو أعجله، فلما قُتل شهيدا أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن الملائكة غسلته، فسمي غسيل الملائكة، وعن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لامرأة حنظلة ” ما كان شأنه؟” قالت خرج وهو جُنب حين سمع الهاتفة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لذلك غسلته الملائكة” فقد خرج في صبيحة عرسه وهو جنب، فلقي ربه شهيدا، ومن الشهداء أيضا هو عبد الله بن جحش رضى الله عنه، فكان جهاد طويل لهذا الصحابي الجليل، وهو جهاد في مكة، وجهاد في الحبشة، وجهاد في المدينة المنورة.

 

وقد دار حوار رائع بينه وبين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، قال عبد الله بن جحش لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما يوم أحد “ألا تأتي ندعو الله؟” فخلا في ناحية، فدعا سعد فقال “يا رب، إذا لقينا القوم غدا، فلقني رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده فأقاتله فيك ويقاتلني، ثم ارزقني عليه الظفر حتى أقتله وآخذ سلبه” فقام عبد الله بن جحش، ثم قال “اللهم ارزقني غدا رجلا شديدا حرده، شديدا بأسه، أقاتله فيك ويقاتلني، ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غدا قلت يا عبد الله، فيم جدع أنفك وأذنك؟ فأقول فيك وفي رسولك، فتقول صدقت” فقال سعد بن أبي وقاص “يا بُنى، كانت دعوة عبد الله بن جحش خيرا من دعوتي، لقد رأيته آخر النهار.

 

وإن أذنه وأنفه لمعلقان في خيط” فكان موقف رائع لعبد الله بن جحش ضى الله عنه، الذي آثر الشهادة في سبيل الله على كل شيء، فيتمنى لقاء الله وقد شوهت معالمه، وذلك في ذات الله تعالى، وطمعا في دخول الجنة، وحدث ما تمناه رضى الله عنه، فإنه فريق ينتقل من الكفر إلى الإيمان في لحظة وينال الشهادة، فالمسلم حتى يصل إلى درجة الشهادة في سبيل الله، فإنه يقدم الكثير والكثير من التضحية بالمال والوقت والجهد، ولا بد أن يتوافر لديه الإخلاص، وأن يسأل الله الشهادة بصدق، ولكننا قد نجد بعض الناس قد يُنعم الله عليهم بنعمة الشهادة في سبيل الله فور دخولهم في دائرة الإيمان، فسحرة فرعون مثلا عندما رأوا الحق واضحا، أعلنوا دخولهم في دائرة الإيمان.

 

وتلقوا التعذيب من فرعون بل والقتل بصدور رحبة، فكانوا في أول النهار سحرة، فصاروا في آخره شهداء بررة، وإن من الشهداء أيضا هو رجل يسمى الأصيرم حيث في موقعة أحد نجد رجلا قد انتقل من الكفر إلى الإيمان في لحظة واحدة وهو الأصيرم رضى الله عنه فقد كان يأبى الإسلام على قومه، فلما كان يوم أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد بدا له الإسلام فأسلم، فأخذ سيفه فغدا حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس، فقاتل حتى أثبتته الجراحة، فبينما رجال بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، فقالوا “والله إن هذا للأصيرم، وما جاء به؟ لقد تركناه وإنه لمنكر هذا الحديث” فسألوه ما جاء به، قالوا “ما جاء بك يا عمرو، أحربا على قومك أو رغبة في الإسلام؟”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى