مقال

نفحات إيمانية ومع النكاح والسفاح فى الإسلام ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع النكاح والسفاح فى الإسلام ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع تحديد النسل فى الإسلام، ولقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن العزل وسيلة لمنع الإنجاب، مما يدل على جوازه، فقال الأنصاري رحمه الله، أن فيه جواز العزل، وهو أن ينزل بعد نزع الذكر من الفرج، وما عارضه محمول على كراهة التنزيه، وقد استدل جابر بن عبد الله، على الجواز بتقرير الله تعالى عليه، وقال الترمذي رحمه الله، وقد رخّص قوم من أهل العلم من أصحاب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وغيرهم في العزل، وقال مالك بن أنس، تستأمر الحرة في العزل، ولا تستأمر الأمة، وقال الألباني رحمه الله، يجوز له أن يعزل عنها ماءه، وإن من أسس اختيار الزوجين كون المرأة ودودا ولودا.

 

وقد دعا الإسلام للزواج من الودود والولود لأن ذات الود تحافظ على العشرة والألفة ولأن الولود يتحقق منها الغاية من الزواج بالسكن والاستقرار والإنجاب والحفاظ على النوع الإنساني، ومما يفضل في اختيار كل من الزوجين للآخر أن تكون المرأة غير ذات قرابة للرجل، فتغريب النكاح يبعد الضعف والهزال والأمراض الوراثية عن الأطفال غالبا، ولا يكون سببا في قطيعة الأرحام، فقال ابن قدامة ” ولأنه لا تؤمن العداوة في النكاح وإفضاؤه إلى الطلاق، فإذا كان في قرابته أفضى إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها، وأن الله سبحانه وتعالى نهى الأمة عن قطع النسل أو تحديده لأن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أمر بتكثير الأمة.

 

فيعني ذلك حرمة عكسه وهو القطع أو التحديد وتحديد النسل يراد به وضع حد أعلى لعدد الأولاد الذين ينجبهم الزوجان، فإن كان هذا التحديد بقرار عام من جهة رسمية فلا يجوز، لأنه يعارض توجيه الإسلام إلى تكثير النسل ولأنه في الغالب يبنى على مقاصد اقتصادية، وأن كثرة النسل تؤثر على المستوى الاقتصادي للبلاد، وأن الموارد لا تكفي إلا لعدد محدود، وهذا كله مخالف لحسن الظن بالله والتوكل عليه، وأنه ما من نفس منفوسة إلا على الله رزقها، أما إن كان القرار خاصا بزوجين معينين فينظر سببه، فإن كان السبب طبيا كتضرر المرأة من الحمل وخطره عليها، وثبت ذلك من قبل طبيب حاذق أمين أو من لجنة طبية موثوقة فلا بأس بذلك.

 

وأما إذا لم توجد حاجة حقيقية ولا ضرورة، وإنما قصد الزوجان الاكتفاء بعدد محدد من الأولاد وكان هذا عن تراض منهما فهذا لا يخلو من كراهة شديدة لمخالفته مقصد من أهم مقاصد الزواج، لكن لا نقول بتحريمه لأن ترك الزواج وإيثار العزوبة ليس بمحرم، فلأن لا يحرم عليه الإنجاب بعد الزواج من باب الأولى، أما تنظيم النسل فيقصد به المباعدة بين فترات الحمل، والأخذ بأسباب منع الحمل حتى لا يكون الإنجاب متتابعا، وقد يرى الزوجان في ذلك مصلحة كراحة الأم من أتعاب الحمل مدة قبل أن تحمل بآخر، أو لمزيد من التفرغ للعناية بالطفل قبل أن يأتي له أخ جديد، فلا بأس بذلك، وقد كان العزل معروفا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

فيقول جابر رضي الله عنه “كنا نعزل والقرآن ينزل” والعزل سبب من أسباب منع الحمل، وقد أفاد العلماء مبينين بأن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الله سبحانه وتعالى لعباد، وأن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين، عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة، حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها، وأن في الأخذ بذلك ضربا من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله وإضعافا للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وربطها، لذلك كله فإن العلماء قرروا بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى