مقال

نفحات إيمانية ومع النبى صاحب الأخلاق ” جزء 2″ 

نفحات إيمانية ومع النبى صاحب الأخلاق ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع النبى صاحب الأخلاق، وإن من حمل حاجته بيده لا يجوز أن تقول عنه متكبر، ومن أكثر من ذكر الله لا يجوز أن تقول عنه منافق، وإذا جلس جلس حيث ينتهي به المجلس، لم يُرى مادا رجليه قط، سيد الخلق لم يُرى مادا رجليه قط، أيعقل أن يجلس إنسان صحيح معافى في مجلس ويمد رجليه؟ سيد الخلق أمام أصحابه ما مد رجليه قط، إلا إذا كان معذورا، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته، أو حاجة صاحب أو جار، فكان يذهب إلى السوق، ويحمل بضاعته ويقول ” أنا أولى بحملها ” وكان يجيب دعوة الحُر والعبد والمسكين، ويقبل عذر المعتذر، عامة المسلمين إذا الداعي غني، لمجرد أن يدعوهم كانوا عنده في الوقت المحدد.

 

أما إذا الداعي فقير فإنهم يعتذرون، بقوله مشغول، وبشتى الأعذار، النبي صلى الله عليه وسلم على عظم قدره كان يجيب دعوة الحُرّ والعبد والمسكين، ويقبل عذر المعتذر، وكان يرفو ثوبه، ويخصف نعله، ويكنس داره، ويخدم نفسه، ويعقل بعيره، وكان في مهنة أهله، وكان يأكل مع الخادم، ويقضي حاجة الضعيف والبائس، وكان يمشي هونا خافض الطرف، متواصل الأحزان، دائم الفكرة، لا ينطق من غير حاجة، طويل السكوت، إذا تكلم تكلم بجوامع الكَلم، كان دمثا ليس بالجاحد، ولا المهين، يعظم النعم وإن دقت، ولا يذم منها شيئا، ولا يذم مذاقا، ما عاب طعاما قط، ولا يمدحه، لا يمدح ولا يعيب، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان منها، ولا يغضب لنفسه.

 

ولا ينتصر لها، إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، وكان يؤلف ولا يفرق، يجمع الناس لا يفرقهم بالغيبة والنميمة، كان يؤلف ولا يفرق، يقرب ولا ينفر، يكرم كريم كل قوم ويوله عليهم، يتفقد أصحابه، يسأل الناس عما في الناس، يحسن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، لا يقصر عن حق ولا يجاوزه، ولا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، من سأله حاجة لم يرده إلا بها أو ما يسره من القول، كان دائم البشر، سهل الخلق، ليِّن الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب، ولا فحاش، ولا عياب، ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يخيب فيه مؤملا، وكان لا يذم أحدا ولا يُعيره، ولا يتكلم إلا فيما يرجى ثوابه، يضحك مما يضحك منه أصحابه.

 

ويتعجب مما يتعجبون، ويصبر على الغريب وجفوته في مسألته ومنطقه، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه، فقال تعالى ” وإنك لعلى خلق عظيم” صلى الله عليه وسلم، وإن الخُلق العظيم هو الخير كله، وهو الإيمان، هو القرب من الله عز وجل، وإذا احتفلنا بذكرى المولد فينبغي أن نتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وأن نتبع سُنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف نتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم إن لم نعرفها؟ إذن طلب العلم طريق الفوز في الدنيا والآخرة، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معا فعليك بالعلم” فكان الناس قديما على ملة أبينا آدم عليه الصلاة والسلام، فلما كثروا تفرقوا واختلفوا في الآراء.

 

فأرسل الله سبحانه وتعالى إليهم رسله ليقوموهم بالقسط، وبدأ الله سبحانه وتعالى بنبيه نوح عليه أفضل الصلاة والسلام، وختمها بآخر الرسل والأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فكان بذلك ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد أمة كاملة، وميلاد فجر جديد ظهر للبشرية ليخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، ومن ظلم الأديان إلى عدالة الإسلام، ومن عبادة العباد إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وقد ولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من سلالة إسماعيل بن إبراهيم، فكان أكرم الناس نسبا، وأطيبهم مولدا، ولد في مكة المكرمة يوم الإثنين من شهر ربيع الأول، وقيل أنه ولد في الثامن أو التاسع أو الثاني عشر من العام الذي أهلك الله فيه أصحاب الفيل، الذين أرادوا أن يهدموا الكعبة المشرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى