مقال

نفحات إيمانية ومع الفتنة الكبرى وموقف الأشتر النخعى ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع الفتنة الكبرى وموقف الأشتر النخعى ” جزء 2″

بقلم/ محمـــد الدكـــروى

ونكمل الجزء الثانى مع الفتنة الكبرى وموقف الأشتر النخعى، وهذا هو معاوية بن أبى سفيان الرابض في الشام واليا منذ عشرين عاما، يرفض أن تجتمع في بني هاشم النبوة والخلافة، وإذا أجمع المسلمون على ذلك، فشرط الإبقاء عليه واليا على الشام أولا، والاقتصاص من قتلة عثمان ثانيا، ويزفر الأشتر زفرة كاللهب، حقا إن الأجواء مدلهمة الجنبات، وتنذر بشر مستطير ويعزل الإمام على بن أبى طالب، معاويةَ بن أبى سفيان، فحرام إبقاؤه متحكما في رقاب المسلمين وأموالهم وأعراضهم ولكن العزل شيء، والقدرة على تنفيذه شيء آخر، وتقوم السيدة عائشة رضى الله عنها فتجيّش الجيوش، ويأبى معاوية مبايعة الإمام على بن أبى طالب، ويمتنع بأهل الشام.

 

وبالمال يصرفه ذات اليمين وذات الشمال وتقرع طبول الحرب فيعبّئ الإمام على بن أبى طالب، جنده، ويلاقي بهم جيوش أعدائه من أهل البصرة وغيرهم، وقد تقدمتهم السيدة عائشة رضى الله عنها على جمل، فكانت حرب الجمل، وينضم طلحة والزبير صاحبا الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى السيدة عائشة، ثم لا يلبث الزبير أن ينسحب من المعركة، وقد ذكره الإمام علي كرم الله وجهه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم، للزبير في إحدى المناسبات ” ستقاتله يوما وأنت له ظالم” وتدور رحي المعركة فيهز مالك الأشتر لواء الإمام على بن أبى طالب، مدمدما الويل للناكثين، ويقتحم بمن خلفه قلب جيش العدو، وحول الجمل تتناثر أشلاء.

 

وتسيل دماء ولا تمتد يد لتمسك بخطام الجمل إلا وتبتر، فتتناثر أكف ومعاصم تناثر أوراق الخريف في ريح عاصف، ويرغي الجمل، ويُزبد، وعلى ظهره حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يحوطونها من كل اتجاه إحاطة السوار بالمعصم ويتقدم مالك، وينتهي إلى عبد الله بن الزبير، ابن إخت السيدة عائشة، فيضربه بالسيف على رأسه، ويضربه عبد الله ضربة خفيفة، ويعتنق كل منهما خصمه، آخذا بخناقه، فيسقطان إلى الأرض يعتركان ويصيح ابن الزبير اقتلوني ومالكا، واقتلوا مالكا معي، ويحمل أصحاب الإمام علي وعائشة فيخلصونهما، ولم يعلم أصحاب السيدة عائشة أن الذي فاتهم هو الأشتر، إذ بهذا اللقلب كانوا يعرفونه، ولو عرفوه أنه هو، لقتلوه.

 

وتشتد المعركة ضراوة، ولا تمتد يد لتأخذ بخطام الجمل إلا ويقتل صاحبها وينادي الإمام على بن أبى طالب، أعقروا الجمل، فإنه إن عُقر تفرقوا فتتناول السيوف عرقوبيه، فيخور، وينهار ويتقدم محمد بن أبي بكر، أخو السيدة عائشة، فيحتملها إلى قبة، ثم يشيعها الإمام علي كرم الله وجهه في هودج، محفوظة مكرمة إلى بيتها وتدور الدائرة على أصحاب الجمل، وإذا بهم بين قتيل، أو جريح، أو مهزوم ويعود الأشتر من موقعة الجمل، وله في إحراز النصر سهم كبير، وهكذا، تسكن عاصفة موقعة الجمل، ولكن لتهب بعدها عاصفة موقعة صفين وها قد عبأ معاوية لهذه الحرب الجند، وجيّش الجيوش، واستعمل المال لمن يسيل لعابه لمرأى المال.

 

ووعد بالمناصب من لهم بها مطمع، وتوعد أعداءه بجيشٍ جرّار أوله في العراق وآخره في الشام، وقبل تصادم الجيوش في ساحة الوغى، تثور بينه وبين الإمام علي كرم الله وجهه حرب الرسائل، فكانت من رسائل الإمام علي كرم الله وجهه إلى معاوية بن أبي سفيان، فكلماتها نصال قواتل، فيقول رضى الله عنه إلى معاوية فأنا أبو حسن قاتل جدك وأخيك شدخا يوم بدر، وذلك السيف معي وبذلك القلب ألقى عدوي، ما استبدلت دينا، ولا استحدثت نبيا، وإني لعلى المنهاج الذي تركتموه طائعين، ودخلتم فيه مكرهين وأما طلبك إليَّ الشام، فإنى لم أكن لأعطيك اليوم ما منعتك أمس، وأما قولك ” إن الحرب قد أكلت العرب الا حشاشات أنفس بقيت”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى