مقال

نفحات إيمانية ومع المُسَيّب بن نجبة والثأر للحسين ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع المُسَيّب بن نجبة والثأر للحسين ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع المُسَيّب بن نجبة والثأر للحسين، وقد جمع الصحابي الجليل سليمان بن صرد الخزاعي، الذي سُمّي أمير التوّابين، أنصاره في منطقة النخيلة، في الخامس من ربيع الثاني سنة خمسة وستين من الهجرة، ثم سار بهم إلى قبر الإمام الحسين رضي الله عنه، وكان عددهم يقارب أربعة آلاف رجل، فما أن وصلوا إلى القبر الشريف، حتى صاحوا صيحة واحدة، وازدحموا حول القبر أكثر من ازدحام الحُجّاج على الحجر الأسود عند لثمه، فما رؤي أكثر باكيا من ذلك اليوم، فترحّموا عليه، وتابوا عنده من خذلانه وترك القتال، وتجديد العهد معه، وأما عن معركة عين الوردة فلا يمكن أن نقول بأن هذه الثورة انهزمت أو فشلت عسكريا.

 

لأن الفشل والإخفاق لم يكن أمرا مفاجئا بالنسبة لها، لذلك توجه قادتها وأنصارها إلى المعركة، وهم يشعرون في قَرارة أنفسهم أنهم متجهين إلى نهايتهم المحتومة، ومحاولين التكفير عن ذنوبهم بالانتقام من قتلة الإمام الحسينرضى الله عنه، أو الموت في سبيل ذلك، فحققوا بذلك أهدافهم المرسومة، وكان لهم من النتائج ما أرادوا، فقد تحرك القائد سليمان بن صرد بعد زيارة قبر الإمام الحسين، وتجديد العهد معه مع جنده قاصدين الشام، فوصلوا إلى الأنبار، ومنها إلى القيارة وهيت، ثم إلى قرقيسيا وهي بلدة على مصب نهر الخابور في الفرات، وبعدها منطقة عين الوردة، وفي الثاني والعشرين من جمادى الأُولى عام خمسة وستين من الهجرة.

 

دارت في منطقة عين الوردة رحى الحرب بينهم وبين جند الشام، وأبلى التوابون بلاء حسنا، فكان لهم النصر أول الأمر، غير أن ابن زياد سرعان ما أمد جيش الشام باثني عشر ألفا بقيادة الحصين بن نمير، ثم بثمانية آلاف بقيادة شرحبيل بن ذي الكلاع، فأحاطوا بالتوابين من كل جانب، فلمّا رأى سليمان ما يلقى أصحابه من شدة، ترجّل عن فرسه وهو يومئذ في الثالثة والتسعين من عمره وكسر جفن سيفه وصاح بأصحابه، يا عباد الله، من أراد البكور إلى ربّه والتوبة من ذنبه والوفاء بعهده، فليأت إليَّ، فاستجاب له الكثيرون، وحذوا حذوه، وكسروا جفون سيوفهم، وقتلوا من أهل الشام مقتلة عظيمة، حتى أصيب زعيمهم سليمان بسهم، فوثب ووقع، وهو يقول فزت ورب الكعبة.

 

وحمل الراية بعده المسيّب بن نجبه، فقاتل بها حتى استشهد، بعد جهود مستمية، وتبعه بقية القوّاد وعدد كبير من المقاتلين، باستثناء رفاعة بن شداد الذي اعترف بالهزيمة وأدرك عدم جدوى القتال، وكانت القيادة قد انتقلت إليه، فأصدر أوامره سرا إلى البقية الباقية من التوابين بالانسحاب والتراجع، وتمّت عملية التراجع بنجاحٍ تام، وابتعد التوّابون المنسحبون عن ميدان المعركة، وأصبحوا في منأى عن مطاردة الجيش الأموي المنتصر، الذي استنكف عن محاولة اللحاق بهم، وقد انتهت المعركة إلى جانب أهل الشام، بعد أن ترك التوّابون أمثلة رائعة للبطولة والفداء، التي استمدت روحها من مواقف الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه رضي الله عنهم.

 

والتي لها صداها في النفوس، وأثرها القوي في التاريخ الإنساني كله، وكان لما مات يزيد بن معاوية، اجتمع نفر من أهل الكوفة، وندموا على سكوتهم عن نصرة الحسين بن علي، والحُسين بن علي بن أبي طالب وهو سبط الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الإمام الثالث عند الشيعة، وقد أطلق عليه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لقب سيد شباب أهل الجنة فقال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ” وكان رضى الله عنه كنيته أبو عبد الله، فقالوا ما ينمحي عنا هذا الذنب إلا ببذل أنفسنا في طلب ثأره، فخرجوا في جيش إلى جهة الشام، ويزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي الدمشقي ؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى