مقال

نفحات إيمانية ومع دعائم الأمن والاستقرار ” جزء 10″

نفحات إيمانية ومع دعائم الأمن والاستقرار ” جزء 10″

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع دعائم الأمن والاستقرار، فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، والزموا عبادته، واحذروا معصيته، واصبروا على ابتلائه، وعوذوا به من الفتن كلها، ظاهرها وباطنها، حاضرها وغائبها، صغيرها وكبيرها، فإن الله تعالى قد فتن الناس بعضهم ببعض، وإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالعمل الصالح قبل وقوع الفتن التي تشغل عن العمل، فالأمن والاستقرار ضرورتان من ضرورات الحياة، تصلح بهما الأحوال، وينمو العمران، وتقام الشعائر، والإنسان لا يجد هناء في عيشه، وطمأنينة في نفسه إلا بأمن واستقرار، فالخوف ينغص عليه حياته، والاضطراب والتشريد يسلبه مقومات عيشه، ولأهمية الأمن والاستقرار عند الإنسان فإن الله تعالى وعد المؤمنين بهما في الجنة.

 

فهم آمنون من فقد نعيمها، وآمنون من كل مكدر فيها، وهم مستقرون فيها، لا يخشون خروجا منها، ولا اضطرابا فيها، ونعيمهم فيها مستقر فلا يخافون نقصه ولا انقطاعه، وحين أذن الله تعالى بإسكان البشر الأرض، بسط لهم فيها الأمن والاستقرار، وسخر ما عليها للإنسان، فلا خوف في الأرض على البشر إلا من البشر، ولا يشرد البشر إلا بشر مثلهم، ولا يحدث الفتن والقلاقل إلا البشر، فالأرض آمنة بتسخير الله تعالى كل ما عليها للبشر، ومستقرة فلا اضطراب فيها إلا ما تحدثه الزلازل في أجزاء منها ليعلم البشر نعمة الله تعالى عليهم في استقرارها وعدم اضطرابها، ويشكروا ربهم سبحانه وتعالى عليها، ودليل ذلك خطاب الله تعالى لآدم عليه السلام حين أهبطه الأرض.

 

فقال الله تعالى فى سورة البقرة “وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين” والاضطراب في الأرض ينفي الاستقرار، والخوف يمنع المتاع، ومن بلاغة القرآن في هذه الآية أنه قدم فيها الاستقرار على المتاع، والمتاع هو ما يتمتع به الناس من المآكل والمشارب والمراكب والملابس والمساكن، وكلها لا قيمة لها بلا استقرار، فكان الاستقرار هو الركن الأهم للعيش في الأرض، وفقده يؤدي إلى فقد كل شيء لأن الأرض التي لا استقرار فيها يفارقها أهلها إلى غيرها، ولو عظمت خيراتها، وتفجرت ثرواتها، فلا قيمة لها بلا استقرار، والأرض المستقرة يبارك في رزق أهلها، ويهنئون بعيشهم فيها، ولا يبارحونها إلى غيرها، فلا حاجة لهم في ذلك وهم يجدون الاستقرار.

 

وأيضا فإن الأخوة الإسلامية إذا لم تقم على تلبية المسلم لحاجة أخيه المسلم في كافة الأمور لا فائدة من هذه الأخوة بل ستتحول إلى شعار براق، وأخيرا المواطنة بحاجة إلى عربون لقيام هذا العقد بين الوطن والمواطن وعربونه هو كرم التربة والأرض عندما تدر بالمحاصيل أو المعادن فتصبح هذه الأرض بخيراتها ذات قيمة حياتية للفرد فيقوى انتماؤه إلى هذا التراب، وتاليا تقوى عنده روح المواطنة، فهذه هي المقومات الأساسية التي يقوم عليها الأمن الاجتماعي والتي بدونها تتبدد الآمال بتحقيق الأمن والسلام، وان فكرة الأمن الاجتماعي تقوم أساسا على وجود تلك المقومات وعلى وضع الخطط والمناهج الحكيمة لكن تبقى هناك ضرورة وجود وسائل وآليات تعجل في تحقق الأمن الاجتماعي

 

وهي القضاء والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني من جمعيات الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية وأيضا شركات التأمين عن الحياة وجميع هذه الوسائل تعمل بعد وجود المقومات السابقة، وإن استهداف جماعة من الآمنين في الأحياء، وإطلاق النار عليهم بشكل عشوائي دون تمييز، ليقتل منهم من يقتل، ويجرح من يجرح، ليس من دين الله تعالى في شيء، ويخشى أن يكون من مكر الأعداء بأيدي بعض الجهلة الأغرار الذين ركبوا موجة الغلو والعنف لإثارة الفتنة بين أهل القبلة من المسلمين، ولو ثارت فلن تكون في صالح أحد إلا الأعداء المتربصين الذين يذكون نيران الفتنة وينفخون فيها لرفع الأمن والاستقرار من بلاد المسلمين، وإحلال الخوف والفوضى فيها لتحقيق أهدافهم في استعمار بلاد المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى