مقال

نفحات إيمانية ومع إنسانية الحضارة الإسلامية ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع إنسانية الحضارة الإسلامية ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع إنسانية الحضارة الإسلامية، وتعد الحضارة الإسلامية من أقوى الحضارات وأبرزها فهي قائمة إلى يوم القيامة، وقائمة على أساس إكرام الإنسان والنهوض به وتحقيق رقيه، فقد انطلقت من مدينة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وتركت أثرا واضحا في حياة البشرية، وإن الفرح بالإسلام، والفخر بالانتساب لحضارته ليس لأننا ولدنا فيها، ولا لأن آباءنا وأجدادنا كانوا من أهلها، ولكن لأن دين الإسلام هو دين الحق، وحضارته حضارة الرحمة والعدل، فالاعتزاز بها اعتزاز بالإسلام، والاعتزاز بالإسلام اعتزاز بالعبودية الحقة لذي العزة والجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، فيقول تعالى فى سوة يونس ” إن العزة لله جميعا”

 

ويقول تعالى فى سورة المنافقون ” ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين” فإن الكارهين للإسلام من المنافقين لا يجترئون على الطعن المباشر في الإسلام لأن قولهم يُرد عليهم، ولكنهم في سبيل ترويجهم لإفكهم ضد الإسلام يطعنون في بعض أحكامه، أو شريعته، أو حملته ونقلته، أو ينكرون حضارته لأن الطعن في الناقل طعن في المنقول، وإذا نفيت حضارة الإسلام نفي كون الإسلام حقا لأنه إما أن يكون دينا باطلا فلم يبن حضارة صحيحة، وإما أن المسلمين طوال عهدهم لم يطبقوه، فيكون دينا مثاليا لا يمكن تطبيقه، وهذا يفضي إلى أنه باطل، أو أنه أمكن تطبيقه لكن الأمة اجتمعت على عدم تطبيقه وهذا باطل لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة ولأن الله تعالى لا يمكن أن يصف أمة الإسلام بكونها.

 

كما قال تعالى فى سورة آل عمران ” كنتم خير أمة أخرجت للناس” ثم لا تطبق دين من وصفها بذلك، فلم يبقى إلا أن هؤلاء الكارهين للإسلام وحضارته قد فاضت أحقادهم من قلوبهم فعجزوا عن حبسها، فنطقت بها ألسنتهم، وكتبتها أقلامهم، فكشفوا عن مكنون قلوبهم، وإن الحضارة هي الجهود التي يقوم بها الإنسان من أجل تحسين حياته وتحقيق الأفضل في جميع المجالات، والحضارة الإسلامية هي ما قدمه الإسلام للمجتمع البشري من قيم ومبادئ، وقواعد ساعدت على الرفع من شأنه وتقدمه في جميع الجوانب، وتهدف الحضارة الإسلامية إلى تحقيق السعادة الروحية للبشر كافة وتعمير الأرض وتنميتها وفقا لشريعة الله تعالى، مصداقا لقوله تعالى فى سورة هود ” هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها”

 

وترتكز على الجوانب المادية التي يدرك الإنسان ثمارها بحواسه، وعلى كل ما تحمله الإنسانية من معنى دون التمييز بين الناس على أساس اللغة أو الجنس أو الوطن، وإن مصادر الحضارة الإسلامية فى الدين الإسلامي، تتمثل في القرآن الكريم فهو المصدر الأول لتشريع الذي يسير عليه أفراد الحضارة الإسلامية أينما وجدوا وفي أي وقت، فهو شامل ومتوازن وينظم حياة المسلمين من جميع الجوانب، وأيضا السنة النبوية الشريفة وهي كل ما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم من فعل أو قول أو تقرير، وأيضا المصادر المكتوبة من المدونات والمخطوطات وغيرها، وأيضا المصادر الأثرية التي تركها المسلمون في قديم الزمان خلفهم مثل المساجد والمكتبات.

 

وأيضا اللغة العربية وهي لغة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، واللغة التي نزل فيها القرآن الكريم، وكذلك فإن هناك الحضارات القديمة مثل الفارسية واليونانية والرومانية، ولقد تعددت تعريفات مصطلح الحضارة تبعا لاختلاف المدارس الفكرية ووجهات النظر المختلفة، إلا أن المفهوم العام لمصطلح الحضارة يعرّفها بأنها عبارة عن مجموعة من العقائد والمبادئ المنظمة للمجتمع، وتمثل ناتج النشاط البشري في مختلف المجالات كالعلوم، والآداب، والفنون، وما ينجم عن هذا النشاط من ميول قادرة على صياغة أساليب الحياة المختلفة، والأنماط السلوكية، والمناهج المختلفة في التفكير، وقد تطور مصطلح الحضارة مع تعاقب العصور وتعددت تعريفاته والرؤى الخاصة به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى