مقال

نفحات إيمانية ومع إبن السوداء عبد الله بن سبأ ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع إبن السوداء عبد الله بن سبأ ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع إبن السوداء عبد الله بن سبأ، فيكونون يدا واحدة على هذه العرب، ليس له معنى إلا أن تكون هذه اليهود، هي التي أرثت الحرب والعداوة بينهما، لتؤثل في هذه الأرض أموالا واطاما وحصونا تكون لها عدة وقوة، وتظهرها على أهل البلاد المالكين لها، وتصرف وجه هؤلاء القوم عن الزراعة وتثمير الأموال، وتبقى يهود هي صاحبة الزراعة، والتجارة، وتثمير الأموال، بالربا ومآكل السحت، وهذا عمل يهود في كل حين ولا يلبث رسول الله صلى الله عليه و سلم، أن يهاجر إلى المدينة بعد أن التقى رهطا من الخزرج عند العقبة، فلا يبقى حي من الاوس والخزرج إلا دخله الإسلام وظهر فيه، فيمر شأس بن قيس من يهود بني قينقاع على نفر من الاوس والخزرج.

 

فيغيظه ما رأى من ألفتهم، وصلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية، فيقول قد اجتمع ملا من بني قيلة وهو يعني الاوس والخزرج بهذه البلاد، لا والله مالنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرا، فيأمر شابا من يهود أن يجلس إليهم فيذكر لهم يوم بعاث وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما تقاولوا فيه من الأشعار، فيفعل هذا اليهودي، فإذا الجماعة المؤلفة على الإسلام تتنازع وتتفاخر، فيتواثب رجلان من الاوس والخزرج فيقول أحدهما لصاحبه أن شئتم رددناها الآن جذعه، ويغضب الفريقان جميعا ويقولون فقد فعلنا، موعدكم الظاهرة ويعنون مكانا بعينه ويتداعون السلاح ويخرجون إلى موعدهم، فيبلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم، الخبر.

 

فيخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه، حتى إذا جاءهم قال ” يا معشر المسلمين الله الله، ابدعوى الجاهلية تدعون، وأنا بين أظهركم، بعد أن هداكم الله للإسلام وأكرمكم به، وقطع عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر وآلف بينكم، فيعرف الأنصار أوسهم وخزرجهم إنها نزعة من الشيطان، وكيد من عدوهم ” فيبكون ويتعانقون، ثم ينصرفون مع رسول الله صلى الله عليه و سلم، سامعين مطيعين، قد أطفأ الله تعالى عنهم كيد عدو الله، شأس بن قيس اليهودي، ثم ينزل الله عز وجل، في أمر هذه الفتنة، ويخاطب المسلمين الذين كان رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أظهرهم لم يمت بعد.

 

” يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين، وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ” وأما عن عبد الله بن سبأ، فهو شخصية من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في التاريخ الإسلامي، ذلك أن البعض يعزو إليه إثارة الفتنة الكبرى في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، وآخرون يقولون إنه جعل الإمام علي بن أبي طالب في مرتبة إله، وبعض آخر يقول إنها قصة متقنة الحبك وإن دوره ضُخّم كثيرا، ومن مكمن إثارته للجدل أساسا، أن آخرين ينكرون وجوده أصلا، بالأخص الشيعة، وبينما ينسب إليه البعض دعوته، أول مرة، إلى الانقلاب على الخليفة عثمان بن عفان وولاية الإمام علي.

 

وإن الباحث في سيرته ينتبه دون صعوبة إلى الغموض الذي يكتنف شخصيته، حتى إنك بعد قراءة كتب عدة تروي قصته، لن تعرف نسبه ولا أهله ولا أي معلومة عن نشأته، سوى أنه يهودي عرف بابن السوداء، وظهر بين المسلمين في عهد الخليفة عثمان بن عفان بغرض زعزعة استقرار دولتهم آنذاك، بإيعاز من الروم، وهذا نفسه، محط خلاف كبير، فكان بعد رحيل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى الرفيق الأعلى، و اندلاع حروب الردة، وبعد أن تمكن الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، من قمعها، فقد دخلت إلى رواق الحياة الإسلامية شخصيات لم تستضيء قلوبها بأنوار النبوة، ولم تستكمل حضانتها الإسلامية في ظل اليقين، فكان دخولها لمناوأة الإسلام، والانقضاض عليه من الداخل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى