مقال

نفحات إيمانية ومع أصدق الحديث وطريق الرشاد ” جزء 9″

نفحات إيمانية ومع أصدق الحديث وطريق الرشاد ” جزء 9″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع أصدق الحديث وطريق الرشاد، وعن سمرة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكثر أن يقول لأصحابه ” هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قال فيقص عليه ما شاء الله أن يقص، وإنه قال ذات غداة ” إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي انطلق، وإني انطلقت معهما” الحديث وفيه ” فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة فيشدخ به رأسه، فإذا ضربه تدهده الحجر” وفي رواية ” وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ها هنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يلتئم رأسه وعاد رأسه كما هو، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل مرة الأولى، قال قلت لهما سبحان الله ما هذان؟

 

قال قالا لي انطلق” والحديث وفي آخره ” أما الرجل الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة” وفي لفظ ” والذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علَّمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار” البخاري، وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بقراءته وتعاهده، فعن أَبِي موسى الأشعرى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” تعاهدوا القرآن، فوالذى نفسى بيده لهو أشد تفصيا من الإبل فى عقلها ” رواه البخاري، فالقرآن الكريم مُكون أساسى من مكونات الشخصية المسلمة، فمنه يستمد المسلم تعاليم دينه وآدابه، فعلى المسلم أن يسعى إلى تعلم قراءته جيدا، وهذا الأمر ليس عسيرا، فإننا نجد من الناس.

 

من يلجأ إلى تعلم اللغات الأجنبية، وتكبد المشاق في سبيل تحصيل ألوان من العلوم للحصول على وظيفة تدر عليه دخلا وفيرا، فكيف بمثل هذا أن يتكاسل عن تعلم كلام الله تعالى متعللا بصعوبة قراءته ولقد وعدنا الحق سبحانه وتعالى أن ييسر كتابه علينا قراءة وتعبدا، فقال الله تعالى فى سورة القمر ” ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ” فيجب علينا أن نتدبر آياته وكأنه يتنزل على قارئه، فإن واجبنا نحو القرآن الكريم لا يتوقف عند حد التلاوة فحسب، بل علينا أن نتدبره حتى نتذوق حلاوته ونستشعر عظمته، فهل نتدبر القرآن كما نتدبر الفيس بوك وتويتر والواتس آب والمسلسل العربي والهندي والتركي واللبناني والفيلم بجميع أنواعه والمباريات وغيرها.

 

أم هل أنزل الله القرآن ليقرأ على الأموات في القبور؟ هل أنزل الله القرآن ليوضع في العلب القطيفة الفخمة الضخمة التي توضع في مؤخرة السيارة، وفى غرف الصالون؟ هل أنزل الله القرآن ليوضع في البراويز الفضية والذهبية ويعلق على الجدران والحوائط؟ هل أنزل الله القرآن ليحلى به النساء صدورهن في مصاحف صغيرة؟ هل أنزل الله القرآن ليهديه الحكام والزعماء إلى بعضهم البعض، فإن من أعظم حقوق القرآن على الأمة التي أنزل الله على نبيها القرآن آن تقرأ القرآن بتدبر بتفهم بتعقل فقال الله تعالى فى سورة محمد ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ” أي قد أغلق على ما فيها من الشر، وأقفلت فلا يدخلها خير أبدا، فهذا هو كلام الله جل جلاله.

 

 

ألا وهو القرآن الكريم الذي لو أنزله الله على جبل لتصدع الجبل من خشية الجليل فقال الله سبحانه وتعالى فى سورة الحشر ” لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ” ولكن كيف تخشع الجبال للقرآن ولا تخشع القلوب؟ سؤال مرير كيف تتصدع الجبال للقرآن ولا تتحرك له القلوب، وهو أنه ينقسم الناس إلى ثلاثة أصناف، فالصنف الأول هو ميت القلب فهذا لو سمع القرآن كله ما تدبر وما تأثر، والصنف الثاني فهو حي القلب لكنه معرض عن القرآن، حي القلب لكنه لا يسمع بأذن رأسه ولا بأذن قلبه لآيات الله المتلوة، ومن ثم هو لا يتأثر البتة بآيات الله المتلوة والمرئية في الكون لأنه معرض بسمعه وقلبه عن الله عز وجل، وهؤلاء هم أهل الغفلة عياذا بالله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى