مقال

نفحات إيمانية ومع القعقاع بن عمرو ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع القعقاع بن عمرو ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع القعقاع بن عمرو، فكان أن صادف ذلك مجيء بني عمرو بن تميم بالقرب منهم فجمعت خزاعة مواشيها للصدقة فاستنكر ذلك بنو تميم ورفضوا، وشهروا سيوفهم في وجه الخزاعيين يمنعونهم عن أداء الصدقات لله ورسوله، فانتدب لهم عيينة بن بدر الفزارى رضي الله عنه فبعثه النبى صلى الله عليه وسلم فى خمسين فارسا من العرب فأغار عليهم واستطاع أن يأسر أحد عشر رجلا ونساءهم، وعاد بهم إلى المدينة مع صبيانهم فكان فيهم عدد من رؤساء بني تميم وكان الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد فخرج إليهم وجلس، وهم أمامه فخطب خطيبهم وهو عطارد بن حاجب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن شماس اجبه يا ثابت.

 

فوقف ثابت خطيبا وأجابه وقد نزل في وفد بني تميم عندما نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مسجده قول الله عز وجل في سورة الحجرات” إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون، ولو انهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم” وكانت بداية إسلام بني تميم قوم القعقاع بن عمرو التميمي في السنة التاسعة للهجرة بعد غزوة تبوك، وكان القعقاع في وفد قومه آنذاك، فأسلم معهم، وقد أخلص بنو تميم لدينهم، وأحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنه حين نعى لهم راكب رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعوا لوفاته وقالوا بأبينا وأمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان للقعقاع بن عمرو رضي الله عنه دور كبير في حروب الردة.

 

فقد أرسله أبو بكر الصديق رضي الله عنه للأغارة على علقمة بن علاثة العامرى وكان أسلم ثم ارتد عن الإسلام، في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته عسكر علقمة في بني كعب يريد غزو المدينة المنورة فبلغ ذلك الصّديق فبعث إليه سرية بقيادة القعقاع بن عمرو ويقال القعقاع بن سور وقال له ياقعقاع سر حتى تغير على علقمة بن علاثة، لعلك أن تأخذه لي أو تقتله، واعلم أن شفاء الشق الحوص، فاصنع ما عندك، فخرج القعقاع على رأس هذه السرية، وكان علقمة مستعدا دائما، وعندما أقبلت عليه سرية القعقاع على الماء الذى ينزله علقمة هرب على فرسه ولم يستطع أحد اللحاق به، فأخذ القعقاع أهله وولده وقدم بهم على أبي بكر الصديق فى المدينة.

 

وأنكر أهل علقمة وولده أنهم على حاله في الردة وقالوا لأبي بكر ماذنبنا فيما صنع علقمة؟ فقبل منهم وأرسلهم، وقد أسلم علقمة بعد ذلك فقبل منه أبو بكر الصديق أسلامه وعفا عنه، ولقد كانت المهمة الأولى التى كلفه بها الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه،هي قتال مرتد ظالم لنفسه من بني كلب، وهذا المرتد هو علقمة بن علاثة الكلبى، فخرج القعقاع مصطحبا جنوده المسلمين، ولما وصل إلى بنى كلب فر علقمة في جنح الظلام على فرسه، ولما دخل المسلمون على امرأته وأبنائه أعلنوا إسلامهم وأنكروا ردة أبيهم، وما إن وصل القعقاع ورجاله المدينة حتى جاء علقمة إلى أبي بكر تائبا، فقبلت توبته لأن الإسلام يجب ما قبله.

 

وانضم علقمة إلى القافلة بعد أن ضل الطريق، ولقد كان للفرس دولة عظيمة قوية اتخذت من المدائن عاصمة لها، وأطلق عليها العرب اسم دولة الأكاسرة، وبعد هزيمة المسلمين في معركة الجسر، بدأ الفرس في لمّ شملهم تحت قيادة يزدجرد، وبدءوا بالتحرك على حدود الدولة الإسلامية، وقرر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخروج بنفسه غازيا للفرس في العراق، وأعلن ما يسمى في عصرنا بالنفير العام، فلم يكن أحد يقدر على القتال إلا أرسله إلى العراق، وقال “والله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب” فلما كان على بعد ثلاثة أميال من المدينة، استشار عمر بن الخطاب كبار الصحابة معه، وكان رأيهم أن يرجع هو إلى المدينة، ويبعث أحدا مكانه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى