مقال

نفحات إيمانية ومع القعقاع بن عمرو ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع القعقاع بن عمرو ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع القعقاع بن عمرو، ثم أتينا القتلى، فمن كان من المسلمين سقيناه ورفعناه، ومن كان من المشركين أجهزنا عليه، ومعنا الصبيان فنوليهم ذلك تعني استلابهم لئلا يكشفن عورات الرجال” حقا فإنها المرأة المسلمة، لبنة من لبنات المجتمع المسلم تشارك في مجالها، وتحافظ على حيائها وعفافها فأين هذه الصورة من بعض نساء اليوم ممن يلهثن وراء عروض الأزياء، وبيوتات الموضة، متأثرات بموجات التغريب والعلمنة؟ وكيف لا ينتصر المسلمون، وفيهم رجل عجوز أعمى، مثل ابن أمّ مكتوم رضي الله عنه وأرضاه؟ حيث قال أنس بن مالك رضي الله عنه “رأيت يوم القادسية عبد الله بن أمّ مكتوم، وعليه درع يجر أطرافها، وبيده راية سوداء.

 

فقيل له أليس قد أنزل الله عذرك؟ قال بلى، ولكني أكثر سواد المسلمين بنفسي، وقال ادفعوا إليّ اللواء، فإني أعمى لا أستطيع أن أفر، فأقيمونى بين الصفين” واستشهد رضي الله عنه وأرضاه يوم القادسية، ودفن هناك ليعطر تلكم البقعة بدمه الطاهر، فإنها الهمم العالية، والبذل العجيب في سبيل هذا الدين رجالا ونساء، وقد أصبح القوم لليوم الثالث على التوالى وبين الصفين من قتلى المسلمين ألفان شهيد، ومن المشركين عشرة آلاف قتيل، فنقل المسلمون قتلاهم إلى المقابر والجرحى إلى النساء، وبات القعقاع ولم ينم تلك الليلة، واستمر القتال حتى الصباح، فجمع حوله جماعة من الرؤساء وشجعهم، وكان رضي الله عنه هو محور المعركة الفاصلة.

 

فقال لهم “إن الدائرة بعد ساعة لمن بدأ القوم، فاصبروا ساعة” فقصدوا رستم، وخالطوا جيش العدو، فوصل القعقاع إلى سرير رستم، وقتلوا من دونه، فهرب رستم، ونزل في الماء، فرآه هلال بن علفة، فلحق به، ورمى بنفسه عليه، وتناوله من رجليه، فأخرجه من الماء، ثم ضرب جبينه بالسيف، حتى قتله ثم ألقاه بين أرجل البغال، ثم صعد طرف السرير، وقال قتلت رستم ورب الكعبة، فكبر المسلمون، فلما رأى الفرس ذلك المنظر، وبعد قتال استمر يومين كاملين دون توقف، انهزموا، فتبعهم المسلمون برماحهم وسيوفهم، وهم يقتلون فيهم، ولقد بقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه مشغول الفكر والقلب بأمر القادسية، وكان يخرج كل يوم خارج المدينة.

 

لعل أحدا يأتي من طرف سعد بالخبر يزف إليه البشرى بالنصر، ولكنه يرجع إلى أهله دون أن يرى أحدا، وفى اليوم الذى ورد فيه البشير، لقيه عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهو يسرع على ناقته، فسأله عمر من أين؟ قال من قبل سعد، فقال عمر بن الخطاب يا عبد الله حدثني، قال هزم الله العدو، فنادى عمر بن الخطاب الصلاة جامعة، وزفّ بشرى النصر إلى الناس، وقرأ عليهم كتاب سعد بالفتح، وبقي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بعد النصر شهرين، ثم توجه إلى المدائن ودخلها، واتخذ من إيوان كسرى مصلى ودخله، وهو يقرأ قول الله تعالى كما جاء فى سورة الدخان ” كم تركوا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، ونعمة كانوا فيها فاكهين.

 

كذلك وأورثناها قوما آخرين” وصلى فيه صلاة الفتح ثمان ركعات، وبعث بتاج كسرى وثيابه المنسوجة بالذهب، وحليه وسيفه وجواهره إلى عمر بن الخطاب، ليرى ذلك المسلمون، وليوزعها على الأمة، فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه “إن قوما أرسلوا هذا لذو أمانة” فقال الإمام علي رضي الله عنه “إنك عففت، فعفّت رعيتك” وإن من قصص القادسية، والتي تستحق أن نقف عندها هى قصة أبو محجن، وهو أبو محجن مالك بن حبيب الثقفى وقيل عبد الله بن حُبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عُقدة بن غيرة بن عوف بن قَسي ثقيف الثقفى، وكانت أمه هى كنود بنت عبد أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن قريش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى