مقال

نفحات إيمانية ومع أبو الأسود الدؤلي الكناني ” جزء 6″

نفحات إيمانية ومع أبو الأسود الدؤلي الكناني ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع أبو الأسود الدؤلي الكناني، وقد استفاد أبو الأسود من علمه بقراءة القرآن الكريم، الذي عرضه على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وروى القراءة عنه ابنه أبو حرب ويحيى بن يعمر ونصر بن عاصم الليثي، وقد اختلفت الأقاويل في سبب وضعه للنحو، فقيل أنه وضعه بأمر من علي بن أبي طالب، لما سمع أخطاء غير العرب في نطق اللغة، فأراه أبو الأسود ما وضع، فقال علي ” ما أحسن هذا النحو الذي نحوت” فمن ثم سُميّ النحو نحوا، وعن أبي الأسود قال، دخلت على الإمام علي بن أبى طالب، فرأيته مطرقا، فقلت له فيم تتفكر يا أمير المؤمنين ؟ قال سمعت ببلدكم لحنا فأردت أن أضع كتابا في أصول العربية، فقلت إن فعلت هذا، أحييتنا.

 

فأتيته بعد أيام، فألقى إليَّ صحيفة فيها الكلام كله اسم، وفعل، وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل، ثم قال لي زده وتتبعه، فجمعت أشياء ثم عرضتها عليه، وقيل أن أبا الأسود سمع رجلا يقرأ آية من كتاب الله وهى ” وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزى الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم” بكسر كلمة “رسُولهُ” بدلا من ضمّها مما يغير معنى الآية، وتفيد بأن الله يبرأ من رسوله، فانطلق أبو الأسود لوقته إلى الأمير وقتها زياد بن أبيه، وقصّ عليه ما سمع، وسأله أن يدفع له كاتبا ليضع كتابا في اللغة.

 

فأتى به فقال له أبو الأسود، إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة أعلاه، وإذا رأيتني قد ضممت فمي، فانقط نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرت، فانقط نقطة تحت الحرف، فإذا أتبعت شيئا من ذلك غُنة فاجعل مكان النقطة نقطتين، فكان هذا نهج أبي الأسود في تشكيل الحروف، لذا فهو يعد أول من نقط المصاحف، وأخذ عنه هذا النحو عنبسة الفيل، وكان أول ما وضع أبو الأسود أبواب الفاعل والمفعول والمضاف، وحروف الرفع والنصب والجر والجزم، وقد أخذ علم النحو والعربية، وقراءة القرآن عن أبي الأسود عدد من الرجال ودرسوا على يديه النحو وعلوم العربية، وقراءة القرآن ومن أبرزهم، هو نصر بن عاصم الليثي الكناني، ورامي الأسدي.

 

ويحيى بن يعمر العدواني، وابنه أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي الكناني، وسعد بن شداد الكوفي المعروف باسم سعد الرابية، وميمون بن الأقرن، وعنبسة بن معدان الفيل المهري، وعمر بن عبد الله مولى عفيرة وقد قيل أن لأبي الأسود أنه كان من الشعراء المجيدين وله قصائد عديدة جمعت له في عدد من المؤلفات، وكان له صديق يقال له الجارود سالم بن سلمة بن نوفل الهذلي وكانا يتجاوبان الشعر فكان مما قاله أبو الأسود للجارود من الشعر، أبلغ أبا الجارود عني رسالة يروح بها الماشي لقاءك أو يغدو فيخبرنا ما بال صرمك بعدما رضيت وما غيرت من خلق بعدُ أإن نلت خيرا سرني أن تناله تنكرت حتى قلت ذو لبدة ورد، وقيل أنه قائل البيت.

 

لا تنه عن خلق وتأت بمثله عار عليك إذا فعلت عظيم، وقد روي أن الإمام علي بن أبي طالب أراده ليكون المفاوض عنه في حادثة التحكيم بعد وقعة صفين فأبى الناس عليه، وروي أن أبا الأسود الدؤلي دخل على معاوية بالنخيلة فقال له معاوية “أكنت ذكرت للحكومة ” والحكومة هنا بمعنى الحُكم بين الفريقين المتخاصمين، فقال الدؤلي له نعم، فقال فما كنت صانعا؟ فقال له كنت أجمع ألفا من المهاجرين وأبنائهم وألفا من الأنصار وأبنائهم ثم أقول يا معشر من حضر أرجل من المهاجرين أحق أم رجل من الطلقاء، فضحك معاوية ثم قال، إذا والله ما اختلف عليك اثنان، وقصد معاوية هنا أن حُجة أبا الأسود مقنعه ولكان الناس رضوا بحكم أبا الأسود بأن عليا أحق بالخلافة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى