مقال

نفحات إيمانية ومع الحق و اليقين ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع الحق و اليقين ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع الحق و اليقين، ففرح قيس بهذا الإسم، و قال لو حملت في ذلك اليوم أكثر مما يحمله بعير أو بعيران أو خمسة أو ستة ما ثقل علي، وذلك ببركة النبي صلى الله عليه وسلم الذي سماه سفينة، فصار يحمل مثل السفينة أثقالا كثيرة، ولأنه سارع في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأعان أصحابه لم يتعب من حمل هذه الأشياء الثقيلة، وذات يوم ركب الصحابى سفينة، سفينة تجري في البحر تشق الأمواج بفضل الله ونعمته، وفجأة انكسرت السفينة فأنقذ الله عز وجل صاحب نبيه صلى الله عليه وسلم وتعلق سفينة رضي الله عنه في لوح السفينة التي تكسرت، فأخذت الأمواج اللوح الذي ركبه وجعلت تدفعه إلى الشاطئ و كل ذلك بحفظ من الله تعالى لهذا الرجل الصالح.

 

حتى وصل سفينة إلى ساحل البحر وقذفه الموج على الشاطئ سالما، نظر سفينة حوله، فوجد نفسه في غابة بها أشجار كثيرة و فجأة سمع صوتا رهيبا مخيفا مزعجا، فالتفت سفينة فإذا بأسد متوحش قادم عليه يريده، لجأ سفينة إلى الله تعالى وعرف أن الله لا يضيع عباده المؤمنين وعلم أن الكون كله ملك لله يتصرف فيه كيف يشاء، وأن الأسد وغيره مهما كان قويا فهو مخلوق من مخلوقات الله إذا أمره الله بأمر ينفذه بالحال، فأقبل سفينة إلى الأسد في شجاعة وثقة بالله وقال له يا أبا الحارث أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع الأسد ذلك منه هدأ وطأطأ رأسه وأصبح كالهر الوديع ثم أقبل على سفينة رضي الله عنه يدفعه بمنكبه حتى أخرجه من الغابة كأنه يحرسه ويدله على الطريق.

 

ثم التفت الأسد إلى سفينة رضي الله عنه وهمهم بصوت ضعيف كأنه يودعه، ثم دخل الغابة عائدا إلى عرينه يبحث عن طعام آخر غير هذا الرجل الصالح الذي يحبه الله ورسوله، وحمد سفينة الله تعالى على إنقاذه له، وحكى لأصحابه تلك القصة، وهذا بفضل اليقين التام بالله، ولقد ضرب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في البطولة والشجاعة والإقدام في المعارك والحروب وكافة مناحي الحياة، وفى اليقين التام بالله ، ومن هؤلاء صحابي كريم كان مثالا في الشجاعة وقاد الكثير من المعارك ولقب هذا الصحبي بالمرقال لأنه كان يرقل في الحرب أي يسرع من الإرقال وهو ضرب من العدو، وكان صالحا زاهدا وهو أخو مصعب بن عمير لأمه.

 

ويعد من التابعين الكبار وكثير من العلماء عدوه في الصحابة باعتبار إدراكه لزمن النبوة، وذكر الإمام الطبري والإمام ابن كثير قصة عجيبة لهذا الصحابي الشجاع في احدى المعارك مع الفرس، حيث تجمعت كتائب كثيرة لكسرى ملك الفرس تسمى “بوران” وأخذوا على أنفسهم عهدا ألا يزول ملك فارس ما عاشوا، وقد أعدوا معهم أسدا ضخما وشرسا يقال له “المقرط” لكي يرهبوا به المسلمين في المعركة، وكان الفرس قد دربوا هذا الأسد على القتال ونهش أعدائهم، وأطلقوه على المسلمين في منطقة “ساباط” فدب الرعب فى الصفوف، وحينها تقدم هذا الصحابي المقدام بقلب ثابت وواثق من نصر الله، وتصارع مع الأسد حتى قتلة بعدة طعنات وأرداه قتيلا، وسط ذهول جنود الفرس.

 

حينها كبر المسلمون تكبيرة زلزلت جيش الفرس إلا أنهم ثبتوا في القتال فتقدم هذا الصحابي الجليل على رأس جيش المسلمين وظلوا يقالتون حتى فنيت كتيبة بوران عن آخرها وكانوا يعتقدون أنه لن يستطيع أحد هزيمتهم، فتقدم هذا الصحابي وهو يتلو قول الله تعالى ” أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال” وبعد انتصار جيش المسلمين على كتيبة بوران وقتل الأسد أرسل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إلى هذا الصحابي الشجاع وقبّل رأسه تكريما له، فانحني هو الآخر وقبّل قدم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما وهو يقول له ما لمثلك أن يقبل رأسي، إنه الصحابي الشجاع هاشم بن عتبة، المعروف بالمرقال, ابن أخو سعد بن أبي وقاص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى