مقال

مشروعية وأحكام صلاة الجمعة ” جزء 8″

مشروعية وأحكام صلاة الجمعة ” جزء 8″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع مشروعية وأحكام صلاة الجمعة، ولذلك نص جماعة من الأئمة على أن ‏المشترط هو حصول ما يسمى جماعة عرفا، من غير تعيين عدد معين، لعدم ثبوت تعيينه من الشارع، ومن الشروط أيضا أن لا تتعدد الجمعة في المكان الواحد لغير حاجة أو ضرورة، وهذا مذهب الجمهور، ‏وهو الراجح لأن الجمعة شرعت لاجتماع الناس عليها حسب الإمكان فلو صلت كل ‏طائفة في مسجدها مع إمكان اجتماعهم في مسجد واحد لم يحصل المقصود منها، وقد اشترط الحنفية أن يكون المكان الذي تقام فيه مأذونا فيه إذنا عاما، بحيث يكون ‏مفتوحا للجميع، فهذه هي مجمل شروط الجمعة التي يذكرها الفقهاء، وفي بعضها خلاف.

 

ومنهم من زاد ‏غيرها، والحق أنه لا عبرة به منها إلا ما قام دليل من كتاب أو سنة أو إجماع عليه، وما سوى ‏ذلك فالجمعة فيه مثل غيرها من الصلوات، وأما عن صفة صلاة الجمعة؟ وما دليلها؟ فصلاة الجمعة ركعتان، وذلك بالإجماع، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” صلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم، وقد خاب من افترى” رواه أحمد، وابن ماجه، ويسن أن يجهر فيهما بالقراءة، وقد قال الأئمة لفعل النبى صلى الله عليه وسلم، وقد نقله الخلف عن السلف، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ” صلاة النهار عجماء إلا الجمعة والعيدين ” وأما عن المسنون قراءته في صلاتها؟

 

وما هو الدليل عليه؟ فهو يسن أن يقرأ جهرا في الأولى بالجمعة، وفي الثانية بالمنافقين بعد الفاتحة، وإن قرأ بالأولى بسورة الأعلى، وفي الثانية بالغاشية فحسن، لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما ” أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين” رواه مسلم، وأما عن المسنون أن يقرأه في فجرها؟ وما الدليل عليه؟ وما الحكمة في ذلك؟ فهو يُسن أن يقرأ في فجرها سورة السجدة، وفي الركعة الثانية سورة الإنسان، لما ورد عن ابن عباس رضى الله عنهما ” أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ يوم الجمعة في صلاة الصبح “الم تنزيل” وهى سورة السجدة و”هل أتى على الإنسان” رواه مسلم وأبو داود والنسائي.

 

وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال ” أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة “الم تنزيل، وهل أتى على الإنسان” رواه الجماعة إلا الترمذي وأبا داود، ولكنه لهما من حديث ابن عباس، والحكمة من ذلك قيل لتضمنها ابتداء خلق السموات والأرض وخلق الإنسان، وأما عن حكم إقامة الجمعة والعيدين في أكثر من موضع من البلد؟ فتحرم إقامتها وعيد في أكثر من موضع من البلد إلا لحاجة، لأنهما لم يكونا يفعلا في عهده وعهد خلفائه إلا كذلك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ” صلوا كما رأيتموني أصلي ” وإما لحاجة كضيق مسجد البلد، وكتباعد أقطار البلد فيشق على من منزله بعيد عن محل الجمعة، وكخوف فتنة ونحوه.

 

وأما إذا وقع عيد في يوم الجمعة فما الحكم؟وما دليل الحكم؟ فإنه إذا وقع عيد في يوم الجمعة سقطت الجمعة عمن حضر العيد مع الإمام سقوط حضور لا سقوط وجوب، وأما الإمام فلا يسقط عنه حضور الجمعة، ولقد ميز الله سبحانه وتعالى بين الناس في مراتبهم، فجعل فيهم الشريف والوضيع والأمير والفقير والعزيز والذليل، وجعل لكل مرتبة أسبابا فمن حاز أسباب مرتبة وُصف بتلك المرتبة، و لا يوجد أعز ولا أشرف من مراتب الدين لأنها من أمور الآخرة التي خلق الناس لها، وأما مراتب الدنيا، فإنما هي متاع زائل، ولذة منتهية، وإن من مراتب الناس، هى مرتبة الصحبة التي يشرف بها العبد أو يذل، فعلى قدر مرتبة صاحبك تعلو أو تنزل، ومن شرف الصحبة، أن الله عز وجل، قد ذكر كلبا في كتابه الكريم ورفع من شأنه لما صاحب الصالحين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى