مقال

نفحات إيمانية ومع الرسول في غزوة نجد “جزء 4”

نفحات إيمانية ومع الرسول في غزوة نجد “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الرسول في غزوة نجد، فلما علمت قبائل غطفان بقدوم المسلمين هربت، فلم يقع قتال، وعاد المسلمون منتصرين، وفي طريق العودة اشتد الحر عليهم، وجاء وقت القيلولة فنزلوا في واد كثير الأشجار، وتفرق المسلمون يستظلون فيه، وقد نام الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، تحت شجرة وعلق سيفه بها، فإذا بأعرابي كافر يأتي فيأخذ السيف، فشعر به الرسول صلى الله عليه وسلم، واستيقظ من نومه، فقال الأعرابي”من يمنعك مني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الله” وإذا بالأعرابي يرتعد ويسقط السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عفا عن الأعرابي وتركه” وقد نزلت في هذه الحادثة قول الحق سبحانه وتعالى من سورة المائدة.

 

“يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم، وأتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون” وقد روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رجلا من محارب يقال له غورث بن الحارث قال لقومه من بني غطفان ومحارب، ألا أقتل لكم محمدا؟ قالوا نعم، وكيف تقتله؟ قال أَفتك به، فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس وسيفه في حجره، فقال يا محمد، انظر إلى سيفك هذا، قال نعم، فأخذه، فاستله، ثم جعل يهزّه ويهم به فيكبته الله عز وجل، ثم قال يا محمد، ألا تخافني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا، قال ألا تخافني وفي يدي السيف؟ فقال يمنعني الله منك، ثم أغمد السيف وردّه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله هذه الاية.

 

ولقد كان لهذه الغزوة أثر في قذف الرعب في قلوب الأعراب ، فلم تجترئ القبائل من غطفان أن ترفع رأسها بعدها، بل استكانت حتى استسلمت، وأسلمت، حتى شارك بعضها في فتح مكة وغزوة حنين، وساد الأمن والسلام ربوع المنطقة، وبدأ التمهيد لفتوح البلدان والممالك الكبيرة، لتبليغ الإسلام، وأما عن وقوع الغزوة خلال هذه المدة فهو أمر تقتضيه ظروف المدينة، فإن موسم غزوة بدر التي كان قد تواعد بها أبو سفيان حين انصرافه من أحد قد اقترب وإخلاء المدينة مع ترك البدو والأعراب على تمردهم وغطرستهم والخروج لمثل هذا اللقاء الرهيب لم يكن من مصالح سياسة الحروب قطعا، بل كان لابد من خضد شوكتهم وكف شرهم، قبل الخروج لمثل هذه الحرب الكبيرة.

 

التي كانوا يتوقعوها في رحاب بدر، ولقد صلى النبى صلى الله عليه وسلم، في هذه الغزوة صلاة الخوف، ولقد كانت أول شرعية صلاة الخوف في غزوة عسفان، ولا خلاف على أن غزوة عسفان كانت بعد الخندق، وكانت غزوة الخندق في أواخر السنة الخامسة، وغزوة الخندق وتسمى أيضا غزوة الأحزاب، وهي غزوة وقعت في شهر شوال من العام الخامس من الهجرة، بين المسلمين بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم، والأحزاب الذين هم مجموعة من القبائل العربية المختلفة التي اجتمعت لغزو المدينة المنورة والقضاء على المسلمين والدولة الإسلامية، وكان سبب غزوة الخندق هو أن يهود بني النضير نقضوا عهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وحاولوا قتله.

 

فوجَّه إليهم جيشه فحاصرهم حتى استسلموا، ثم أخرجهم من ديارهم، ونتيجة لذلك، همَّ يهود بني النضير بالانتقام من المسلمين، فبدأوا بتحريض القبائل العربية على غزو المدينة المنورة، فاستجاب لهم من العرب قبيلة قريش وحلفاؤها كنانة وهم الأحابيش، وقبيلة غطفان وهم فزارة وبنو مرة وأشجع، وحلفاؤها بنو أسد وسليم وغيرها، وقد سُموا بالأحزاب، ثم انضم إليهم يهود بني قريظة الذين كان بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق، وقد تصدَّى الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسلمون للأحزاب، وذلك عن طريق حفر خندق شمال المدينة المنورة لمنع الأحزاب من دخولها، ولما وصل الأحزاب حدود المدينة المنورة عجزوا عن دخولها، فضربوا حصارا عليها دام ثلاثة أسابيع، وأدى هذا الحصار إلى تعرض المسلمين للأذى والمشقة والجوع.

 

وانتهت غزوة الخندق بانسحاب الأحزاب، وذلك بسبب تعرضهم للريح الباردة الشديدة، ويؤمن المسلمون أن انتصارهم في غزوة الخندق كان لأن الله تعالى زلزل أبدان الأحزاب وقلوبهم، وشتت جمعهم بالخلاف، وألقى الرعب في قلوبهم، وأنزل جنودا من عنده، وبعد انتهاء المعركة، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، أصحابَه بالتوجه إلى بني قريظة، فحاصروهم حتى استسلموا، فقام الرسول صلى الله عليه وسلم، بتحكيم من يرضون، وقد كان سعد بن معاذ هو الذي كان حليفا لهم قبل الإسلام، فحكم بقتل المقاتلة منهم وتفريق نسائهم وأبنائهم عبيدا بين المسلمين، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، بتنفيذ الحكم، وهكذا فإن غزوة نجد هي غزوة من غزوات النبى صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى