مقال

نفحات إيمانية ومع الإصلاح والتنمية البشرية ” جزء 10″

نفحات إيمانية ومع الإصلاح والتنمية البشرية ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع الإصلاح والتنمية البشرية، ويجب أن تعتقد أن التحسن قد يطرأ على أحوالنا لكننا لا ندري متى سيكون، ولا يعنى ذلك أن ننتظر حنى تتحسن ظروفنا بل ليكن شعارنا دائما هو “باشر ما هو ممكن الآن” وأما عن مصطلح اللاوعى، وهو العقل الباطن، أن اللاوعى مصطلح في علم النفس لوصف العمليات العقلية والأفكار والتصورات والمشاعر التي تدور في عقول الناس دون إدراك منهم، فمن أطلق العقل الباطن وأراد به هذه الأمور، فلا حرج عليه في ذلك، ولا يلحقه ذم ولا تثريب، من هذا الوجه، بشرط أن تكون تطبيقاته العملية مقبولة، مما يشهد لها العقل والتجربة بالصحة والقبول، وتتوافق مع أصول الشرع، أو على أقل تقدير لا تصادمها.

 

ولا تخرج عن شيء من التصورات والأحكام الشرعية، وقد جرى استعمال هذا المصطلح على ألسنة كثير من الكتاب والمفكرين والمصنفين الإسلاميين، وأما عن الاحتمال الثاني وهو استعمال العقل الباطن على سبيل المفهوم الفلسفي الباطنى، بحيث يكون وسيلة للتواصل مع الوعي الكوني، يستقى منه معارف خاصة، وعلوما غيبية، تماما كما هي نظرية ابن عربى، الذي قرر مفهوم انعكاس العلوم الغيبية ومنها علوم اللوح المحفوظ، على النفس الباطنة التي تجردت من عوارض البشرية عبر مجموعة من الخطوات والممارسات، ولا شك أن هذا باب من أبواب فساد الفكر والتصورات، وهي أساس العقائد الباطنية المنحرفة، وسبيل للغواية والضلالة.

 

والإشكال أيضا يتطرق إلى مصطلح العقل الباطن من جهة كثير من التطبيقات العملية عليه، أكثر من المصطلح نفسه، لكن المصطلح غالبا ما يتأثر بفساد الممارسات، على الأقل لدى القطاع المؤمن بتلك الممارسات الخاطئة، فبعض التطبيقات التى يمارسها المنتسبون إلى البرمجة العصبية يشوبها الكثير من المجازفات التى لم يثبتها العلم الحديث، ولم يأت بها الشرع الشريف، كدعوى علاج الأخلاق السيئة والممارسات المشينة في جلسة واحدة يدخل فيها المعالج إلى العقل الباطن فيستل الجزء الباعث على ذلك الخلق السيئ المعين، ويعيد البرمجة من جديد ليستبدل خلقا حسنا مكانه، فكل ذلك بكلام مرسل من غير إثبات تجريبي متزن، كما هي سائر العلوم التجريبية.

 

ولا مستند شرعي مقبول وكذلك دعوى قانون الجذب، الذى يمكن العقل الباطن من خلاله تغيير الأشياء من حوله، من غير بذل للأسباب ولا عمل بسنن الكون المعروفة، ونحو ذلك من المبالغات التي لا ننكرها جزافا بقدر ما ندعو المعتقدين بها إلى احترام العقل التجريبي الذى هو شرط الإيمان بالتأثير الكونى، بعد العقل الشرعى، وتقوم تنمية الموارد البشرية في الإسلام على أسس تدور حول الإنسان باعتباره الهدف الرئيسي لعمليات التنمية البشرية وبرامجها المختلفة وتقوم هذه البرامج على عدد من الأسس من أبرزها هو الاستخلاف، فقد اختار الله سبحانه وتعالى الإنسان ليقوم بمهمة الاستخلاف في الأرض، انطلاقا من قوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة”

 

فقد كلف الله سبحانه وتعالى الإنسان بهذه المهمة العظيمة للقيام بدوره في الأرض وهيأ له سبل القيام بهذه المهمة ومكن له في الأرض بقوله تعالى كما جاء فى سورة الأعراف ” ولقد مكناكم فى الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون” وقال الإمام الرازى أى جعلنا لكم فيها مكانا وقرارا ومكناكم فيها وأقدرناكم على التصرف فيها وجعلنا لكم معايش، وهذا الاستخلاف يقتضي قيام الإنسان بدوره كما أمره الله سبحانه وتعالى من خلال تنمية مكونات الإنسان الإيمانية، والنفسية والعملية، وهي السمة الأساسية للتنمية البشرية، وأيضا التسخير، فإن الاستخلاف يقتضي التسخير، لأن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بمهمته في الأرض دون أن تسخر له كل الإمكانات، وقد يسر له الله سبحانه وتعالى ذلك بتسخير عاملة المخلوقات والكائنات في الأرض للإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى