مقال

نفحات إيمانية ومع السيدة جويرية بنت الحارث “جزء 3”

نفحات إيمانية ومع السيدة جويرية بنت الحارث “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكل الجزء الثالث مع السيدة جويرية بنت الحارث، وأما عن ثابت بن قيس بن الخطيم بن عمرو بن يزيد بن سواد بن ظفر، فقد قاله أبو عمر، وقال ابن الكلبي وأبو موسى، أنه هو ثابت بن قيس بن الخطيم بن عدي بن عمرو بن سواد بن ظفر الظفري الأنصاري، وظفر، هو بطن من الأوس، وهو مذكور في الصحابة الكرام، وقد مات في خلافة معاوية بن أبى سفيان، وكان أبوه هو قيس بن الخطيم وهو أحد فحول شعراء الأوس، وقد مات على شركه قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة مهاجرا، وقد شهد ثابت مع الإمام علي بن أبي طالب، موقعة الجمل وصفين والنهروان، وقد كان لثابت بن قيس ثلاثة بنين، وهم عمر، ومحمد، ويزيد، وكلهم قتلوا يوم الحرة.

 

وليس لثابت رواية، وابنه عدي بن ثابت من الرواة الثقات، وقد كانت لمّا نزلت الآية الكريمة “ولا تصعر خدك للناس ولا تمشى فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور” فقد أغلق ثابت باب داره وجلس يبكي، وقد طال مكثه على هذه الحال، حتى دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسأله عن حاله، فقال ثابت ” يا رسول الله، اني أحب الثوب الجميل، والنعل الجميل وقد خشيت أن أكون بهذا من المختالين ” فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك راضيا ” إنك لست منهم بل تعيش بخير وتموت بخير وتدخل الجنة ” وعند نزول قوله تعالى فى سورة الحجرات “يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى” فقد ظن ثابت أنه المقصود بها، فاحتبس.

 

وحزن لذلك حزنا عظيما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” بل هو من أهل الجنة ” وأما عن السيده جويريه بنت الحارث، فكانت امرأة جميلة فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، تستعينه على كتابتها فرأتها السيدة عائشة رضى الله عنها، فكرهتها لملاحتها وحلاوتها وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيرى منها ما رأت، وقالت السيده جويريه ” يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك وقد كاتبت فأعني ” فقال صلى الله عليه وسلم “أو خير من ذلك؟ أؤدي عنك وأتزوجك؟ ” فقالت ” نعم ” فقال صلى الله عليه وسلم ” قد فعلت ” فبلغ الناس، فقالوا ” أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم ” فأرسلوا ما كان في أيديهم من الأسرى.

 

فما من امرأة أعظم بركة على قومها منها، فقد أعتق بزواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهل مائة بيت من بني المصطلق، وكان عمرها يوم زواجها من رسول الله عشرين سنة، وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم سبعة أحاديث، وتقص علينا السيده عائشة بنت أبى بكر، هى الواقعه فتقول ” لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سبايا بني المصطلق، وقعت جويرية ابنة الحارث بن أبي ضرار في السهم لثابت بن قيس، فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة جميلة، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتستعينه في كتابتها، فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب الحجرة فكرهتها، وقلت، سيَري منها مثل ما رأيت، فلما دخلت جويريه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

قالت ” يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقذ أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت في سهم ثابت بن قيس، وقد كاتبت على نفسي، فأعني على كتابتي ” فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وهل لك في خير من ذلك؟ ” قالت “وما هو؟” قال صلى الله عليه وسلم ” أؤدي عنك كتابتك، وأتزوجك” فقالت جويريه “نعم يا رسول الله، لقد فعلت ” ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد تزوج جويرية بنت الحارث، فقال الناس أصهار رسول الله، فأرسلوا ما في أيديهم من بني المصطلق، فلقد اعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى