مقال

أن اشكر لى ولوالديك ” جزء 10″

أن اشكر لى ولوالديك ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع أن اشكر لى ولوالديك، وقد أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن وقوع متابعة أمته للأمم السابقة من اليهود والنصارى والفرس، وليس هذا من المدح لفعلهم هذا، بل هو من الذم والوعيد، فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لتتبعن سَنن من قبلكم، شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه” قلنا يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال “فمن؟ رواه البخارى ومسلم، وعن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع” فقيل يا رسول الله، كفارس والروم؟! فقال “ومن الناس إلا أولئك؟ رواه البخارى، وأخذ القرون هو المشى على سيرتهم، وقد تحقق ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وتابع جهلة هذه الأمة ومبتدعتها الأمم السابقة من اليهود والنصارى والفرس في عقائدهم ومناهجهم وأخلاقهم وهيئاتهم، ومما يهمنا الآن أن ننبه عليه هو اتباعهم ومشابهتهم في ابتداع عيد الأم، وهو اليوم الذي ابتدعه النصارى تكريما في زعمهم للأم، فصار يوما يصل فيه الناس أمهاتهم ويبعثون لهن الهدايا والرسائل، فإذا انتهى اليوم عادت الأمور لما كانت عليه من القطيعة والعقوق، وأنه تنبع مشكلة كثير من الأعياد المبتدعة المخترعة لدى بعض الناس من أنها تحمل معنى جميلا، لكنها في الوقت نفسه أعياد تخالف الشرع وتتعارض مع هدى الكتاب والسنة، فالناس متفقون على وجوب البر بالأم ووجوب تكريمها ورعاية حقوقها لأنه أمر فطري وإن قصّر فيه بعضهم، وهذا هو المعنى الجميل الذى من أجله يتبع كثير من الناس الغرب.

 

في الاحتفال بما يسمى عيد الأم، لكن تخصيص يوم محدد في العام للاحتفال بالأم يتعارض مع تحديد الشرع لأعياد المسلمين بعيدين لا ثالث لهما، فإن المعاني الجميلة والأشياء التي تحتاج إلى تقدير كثيرة، ولا يختلف أحد فى أنها تستدعي الذكر والإشادة والاحتفال، ولكن هل يعني ذلك أن نقوم بعمل احتفال خاص لها دون اهتمام بمراعاة حدود الإسلام وضوابطه في الاحتفال والأعياد؟ فإن الجواب هو لا، لأن فى ديننا ضوابط وأحكاما يجب أن نسير عليها، والشر كل الشر في مخالفتها، فقال الله تعالى فى كتابه العزيز ” ثم جعلناك على شريغة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون” فمهما كان في هذا الاحتفال من معان جميلة فإنها لا تخرجه عن كونه بدعة لأنه أولا ليس من أمر الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

“من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” رواه مسلم، وأنه ليس هناك دليل على تخصيص الأم باحتفال، لأنها قامت بتربية أولادها وتعبت في تنشئتهم، ولو كان هذا حقا لما تركه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولبيّنه للناس، كيف وهو الذي عرّفنا قدر الأم ومنزلتها وحقوقها؟ وأنه ليس هناك دليل على تخصيص يوم محدد بعينه لهذا الاحتفال، فالإسلام وصى بتكريم الأم، ورفع من قدرها ومكانتها، ونبّه على حقوقها، ومع ذلك لم يأمر بتخصيص يوم معين لتكريمها والاحتفال بها، وأنه ليس هناك دليل على تخصيص يوم الواحد والعشرين من شهر مارس أو غيره من الأيام من كل عام للاحتفال بهذا اليوم، إنما هي أهواء لا أساس لها في الشرع، وأن الاحتفال بهذا اليوم موافق لاحتفال المجوس وغيرهم بعيد وثني هو النيروز، وهو بدء فصل الربيع.

 

وأن تعظيم هذا اليوم تحوّل إلى عقيدة تربّت عليها أجيال، حتى رأوها من واجبات البر بالأم، وهذا من النتائج التي يُنهى عن البدع من أجلها، وأن في الاحتفال به موافقة لليهود والنصارى في أعيادهم، وهذا ما يخالف مقصود الشرع، حيث شرعت لنا في الإسلام كثير من العبادات على وجه وكيفية قصد بها من ضمن ما قصد مخالفة الكفار، والبُعد عن التشبه بهم وموافقتهم سواء في الوقت، أم في المكان، أم في المناسبة، أم في الكيفية، أم في الجهة، وأنه عيد ليس له أصل فى شرعنا ولا في شرعهم، ولا نزل به أمر في كتاب من كتب الأنبياء الكرام عليهم السلام، بل لم يؤثر عن أحد في كتاب لا في الصحيح ولا في الضعيف من الأحاديث والروايات، وقد قال شيخ الإسلام، فليس النهي عن خصوص أعيادهم، بل كل ما يعظمونه من الأوقات والأمكنة التى لا أصل لها في دين الإسلام، وما يحدثونه فيها من الأعمال يدخل في ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى