مقال

فضائل وبدع شهر رجب ” جزء 4″

فضائل وبدع شهر رجب ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع فضائل وبدع شهر رجب، وقال الحافظ ابن حجر في تبين العجب بما ورد في فضل شهر رجب، لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ وكذلك رويناه عن غيره، وفي الفتاوى فقد قيل “أما تخصيص أيام من رجب بالصوم فلا نعلم له أصلا في الشرع” ولقد كانت العرب في الجاهلية تذبح ذبيحة في رجب يتقربون بها لأوثانهم، فلما جاء الإسلام بالذبح لله تعالى بطل فعل أهل الجاهلية واختلف الفقهاء في حكم ذبيحة شهر رجب فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن فعل العتيرة منسوخ واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم “لا فرع ولا عتيرة” رواه البخاري ومسلم.

 

من حديث أبي هريرة، وذهب الشافعية إلى عدم نسخ طلب العتيرة وقالوا تستحب العتيرة وهو قول ابن سيرين، وقال ابن حجر، ويؤيده ما أخرجه ابوداود والنسائي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن المنذر عن نبيشة قال نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب فما تأمرنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اذبحوا في أي شهر كان” وقال ابن حجر “فلم يبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم العتيرة من أصلها، وإنما أبطل خصوص الذبح في شهر رجب” وأما عن العُمرة في شهر رجب، فإنه قد دلت الأحاديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في شهر رجب كما ورد عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر رضى الله عنهما جالس إلى حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها.

 

فسئل كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربعا إحداهن في رجب، فكرهنا أن نرد عليه قال وسمعنا إستنان عائشة أم المؤمنين، أي صوت السواك، في الحجرة فقال عروة يا أماه يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن ؟ قالت ما يقول ؟ قال يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب، قالت يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهد، أي حاضر معه، وما اعتمر في رجب قط” متفق عليه أى رواه البخارى ومسلم، وجاء عند مسلم، وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم، وقد قال النووي، سكوت ابن عمر رضى الله عنهما على إنكار السيدة عائشة رضى الله عنها يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أوشك، ولهذا كان من البدع المحدثة في مثل هذا الشهر تخصيص رجب بالعمرة واعتقاد أن العمرة في رجب.

 

فيها فضل معين ولم يرد في ذلك نص إلى جانب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه اعتمر في رجب، وقيل مما بلغ عن أهل مكة زادها الله شرفا هو إعتياد كثرة الاعتمار في رجب وهذا مما لا أصل له، بل ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” عمرة في رمضان تعدل حجة” وقيل أيضا أما تخصيص بعض أيام شهر رجب بأى شيء من الأعمال الزيارة وغيرها فلا أصل له لما قرره الإمام أبو شامة في كتاب البدع والحوادث وهو أن تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع لا ينبغي إذ لا فضل لأي وقت على وقت آخر عدا ما فضله الشرع بنوع من العبادة أو فضل جميع أعمال البر فيه دون غيره ولهذا أنكر العلماء تخصيص شهر رجب بكثرة الاعتمار فيه، ولكن لو ذهب الإنسان للعمرة في شهر رجب من غير اعتقاد فضل معين.

 

بل كان مصادفة أو لأنه تيسر له في هذا الوقت فلا بأس بذلك، وأما عن البدع المحدثة في شهر رجب، فإن الابتداع في الدين من الأمور الخطيرة التي تناقض نصوص الكتاب والسنة فالنبي صلى الله عليه لم يمت إلا وقد اكتمل الدين فقال الله تعالى فى كتابه الكريم” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ” وجاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد” متفق عليه، وفي رواية لمسلم قال صلى الله عليه وسلم “من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” وقد ابتدع بعض الناس في شهر رجب أمورا متعددة فمن ذلك هو صلاة الرغائب وهذه الصلاة شاعت بعد القرون المفضلة وبخاصة في المائة الرابعة وقد اختلقها بعض الكذابين وهي تقام في أول ليلة من شهر رجب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى