مقال

قتيلة بنت قيس. 

قتيلة بنت قيس.

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

السيدة قتيلة بنت قيس بن معد يكرب الكِندية، وهى أخت الأشعث بن قيس، والأشعس بن قيس هو صحابي من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وممن أسلم عام الوفود وقد غلب عليه لقب الأشعث فبه عرف في كتب الإخباريين، وهو كان أحد ملوك كندة حتى الإسلام فهو من بني جبلة بن عدي أحد بيوت بني الحارث الأصغر من بني معاوية من كندة ولم تتفق كندة عليه ولا على جده ملكا بعد وفاة إمرؤ القيس بن حجر آخر ملوك كندة ارتد الأشعث وتبعته أقوام من بني معاوية وقيل امتنع عن الزكاة، وكِندة هى قبيلة عربية قديمة يعود ذكرها في نصوص المسند السبئية للقرن الثاني قبل الميلاد، وعُرفت هذه القبيلة في كتب التراث باسم “كندة الملوك” وقد قامت مملكة كندة في نجد لتأمين الطريق التجارية.

 

وكان تاريخ مملكتهم الجاهلية يشوبه الكثير من الغموض فقد تحدث عنه الإخباريون وأكتشفت كتابات عديدة في قرية الفاو مكتوبة بخط المسند القديم، وقد اعتنقوا الإسلام في القرن السابع الميلادي وكانوا ممن وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، في عام الوفود واشتركوا في الفتوحات الإسلامية ونزل كثير منهم الشام والعراق وشمال أفريقيا وأقاموا أربع دول في الأندلس، وتنقسم كندة لثلاث أقسام رئيسية هي بنو معاوية الأكرمين وبنو السكاسك وبنو السكون، وهم يتواجدون في اليمن وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة وتوجد عشائر في العراق والأردن، والأشعس بن قيس، هو ابن خال معاوية بن خديج التجيبي أحد ولاة بني أمية وزوج أخت أبي بكر الصديق رضى الله عنه.

 

وهو كبير أمراء موقعة صفين وكان ممن أشار على الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، بالتحكيم وهو سبب موقف الإثنا عشرية منه وقد غلب الأعور السلمي على الماء في تلك الموقعة وتولى ولاية أذربيجان في عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه، وقد قاتل في اليرموك والقادسية وكان ممن أجزل لهم خالد بن الوليد رضى الله عنه، في العطاء مما أثار غضب عمر بن الخطاب رضى الله عنه، لإن أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب أرادها لضعاف وفقراء المسلمين وقد توفي الأشعس بن قيس فى عام أربعين للهجرة وذلك بعد وفاة الإمام علي بن أبي طالب بأربعين ليلة وإبنته عند الحسن بن علي وهو والد محمد بن الأشعث وهو جد عبد الرحمن بن محمد صاحب المواقع المشهورة مع الحجاج بن يوسف.

 

والسيده قتيله بنت قيس قد تزوجها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في أواخر حياته ولكنه لم يدخل بها ولعله صلى الله عليه وسلم، لم يراها، وقد تزوّجت بعده السيده قتيله، ولا يعدها المسلمون من أمهات المؤمنين، وتشير النصوص الإسلامية أنها أرتدت ثم رجعت للإسلام لاحقا، وقد ورد ذكرها في كتب تراجم الصحابة لأبو نعيم الأصبهاني وابن عبد البر وأبو موسى المديني، وروى ابن عباس رضى الله عنهما، أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم، منها كان بعد استعاذة زوجة اخرى وهي أسماء بنت النعمان منه وغضبه لذلك، وهى أسماء بنت النعمان بن الحارث بن شراحيل وقيل بنت النعمان بن الأسود بن الحارث بن شراحيل الكندية.

 

وقد قيل أنهم أجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد تزوجها واختلفوا في قصة فراقها إلى أن قال قال قتادة هي أسماء بنت النعمان من بني الحارث، ولما أدخلت عليه دعاها فقالت تعالى أنت وأبت أن تجئ قال قتادة وقيل إنها قالت له أعوذ بالله منك، فقال قد عذت بمعاذ، وأسماء بنت النعمان فى قول قتادة وأبي عبيدة قال قتادة وهي أسماء بنت النعمان من بني الجون وزعم بعضهم أنها قالت له صلى الله عليه وسلم، أعوذ بالله منك فقال قد عذت بمعاذ وقد أعاذك الله مني فطلقها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم، بعدما أن عرض عليه الأشعث بن قيس تزويجه أخته، فوافق النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الأشعث ذهب إلى حضرموت لإحضارها.

 

فمات النبي صلى الله عليه وسلم، في تلك الأثناء، فردها إلى بلاده وارتدّا عن الإسلام، وحضرموت هي محافظة تقع شرق الجمهورية اليمنية وتحتل ثلث مساحتها وتتكون حضرموت من ثلاثين مديرية وعاصمتها هي مدينة المكلا وهى أكبر مدنها، وهى تحدها السعودية من الشمال ومن الجنوب بحر العرب ومن الشمال الغربي محافظتي مأرب والجوف ومن الشرق محافظة المهرة ومن الغرب محافظة شبوة، وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، قيل أنه تزوجها لاحقا قَيس بن مكشوح المُرادي، وقيل أنه تزوجها عكرمة بن أبي جهل، فوجد أبو بكر الصديق رضى الله عنه، أى غضب من ذلك غضبا شديدا، فقال له عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهو يهون عليه.

 

يا خليفة رسول الله إنها والله ما هي من أزواجه صلى الله عليه وسلم، وما خيرها ولا حجبها صلى الله عليه وسلم، ولقد برأها الله تعالى منه بالارتداد الذي ارتدت مع قومها، وقد روى يزيد بن قسيط أنها وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم، وروى هشام بن عروة عن أبيه أنه كان ينكر ذلك ويقول لم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، قتيله بنت قيس، ولا تزوج كندية إلا أخت بني الجون، ملكها وأتى بها فلما نظر إليها طلقها، ولم يبني بها، وقيل أنه تزوجها صلى الله عليه وسلم، في سنة عشر من الهجره، ثم اشتكى في النصف من صفر، ثم قبض يوم الاثنين ليومين مضيا من ربيع الأول من سنة إحدى عشرة، ولم تكن قدمت عليه ولا رآها ولا دخل بها.

 

وقال بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم كان تزويجه إياها قبل وفاته بشهرين، وقد زعم آخرون أيضا أنه تزوجها في مرضه، وقال منهم قائلون إن النبي صلى الله عليه وسلم، أوصى أن تخير، فإن شاءت ضرب عليها الحجاب وتحرم على المؤمنين، وإن شاءت فلتنكح من شاءت، فاختارت النكاح، فتزوجها عكرمة بن أبي جهل، بحضرموت، فبلغ أبا بكر الصديق، فقال لقد هممت أن أحرق عليهما بيتهما، فقال له عمر بن الخطاب ما هي من أمهات المؤمنين، ولا دخل بها، ولا ضرب عليها الحجاب، وقيل أيضا أنه ما أوصى فيها صلى الله عليه وسلم، بشيء، ولكنها ارتدت حين ارتد أخوها الأشعس بن قيس، فاحتج عمر بن الخطاب، على أبي بكر الصديق رضى الله عنهما.

 

بأنها ليست من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، بارتدادها، ولم تلد لعكرمة بن أبي جهل، وفيها اختلاف كثير جدا، وعكرمة بن عمرو أو عكرمة بن أبي الحكم هو عكرمة بن عمرو المخزومي القرشي المكنى بأبي عثمان، وهو صحابي من صحابى النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو فارس من فرسان قريش وهو أحد فرسان مكة، وهو بن عمرو بن هشام أبو جهل، وقد نشأ عكرمة في مكة في جو مترف محفوف بالنعيم، في قصر المغيرة، وتعلم القراءة والكتابة والانساب على يد أفضل المعلمين في تهامة، وكغيرة من أبناء العرب، وتعلم عكرمة الفروسية وأبدى نبوغا ومهارة في المبارزة وفنون القتال، وتميز على جميع أقرانه ببراعته في رمي الرمح وتصويب السهام، كما عُرف بالشجاعة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ، وهو زوج قتيله بنت قيس بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى