مقال

عدي بن حاتم الطائي ” جزء 1″ 

عدي بن حاتم الطائي ” جزء 1″

بقلم/ محمــــد الدكـــرورى

 

عدي بن حاتم الطائي، هو ابن أجود وأكرم العرب قاطبة، وهو عدى بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدى بن أخزم بن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيء، وكان يكنى بلقب أبي طريف وأبي وهب، ونشأ عدى بن حاتم منذ طفولته في الجاهلية وسط بيت يشخص فيه والده المعروف بالكرم، فقد كان أحد الثلاثة الذين ضُرب بهم المثل في الجود زمن الجاهلية، وقد تزوج حاتم امرأة تدعى النوار، وكانت تلومه على كرمه، فتزوجم من ماويّة بنت عفزر من بنات ملوك اليمن.

 

وكانت تحب الكرم وتوقر الكرماء، فأنجبت له عدى، وقد ورث عدى، تلك الخصال الحميدة عن أبيه، وقد تولى رئاسة قومه قبيلة طيء بعد وفاة أبيه حاتم الطائى، وكانت القبيلة قد هاجرت مع القبائل العربية بعد إنهيار سد مأرب نحو أرض الجبلين أجا و سلمى، وهي منطقة حائل حاليا، وكان عدي بن حاتم وقبيلته يدينون بالمسيحية حين ظهور الإسلام، فأرسل لهم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب لغزوهم وكان عدي حينها مسافرا نحو بلاد الشام، فتم الغزو وخرّبت ديارهم وأخذوا نسائهم أسرى.

 

وكان من بين الأسيرات سفانة بنت حاتم الطائي أخت عدي، فدار بينها وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، حوارا أوضحت فيه أنها سيدة في قومها وأنها ابنة حاتم الطائي ففك اسرها، وكان عديّ بن حاتم الطائي رجلا جسيما، أعور، ولم يكن العَور خِلقة فيه، بل طرأ عليه أثناء حروبه إلى جانب علي بن أبي طالب، فشهد واقعة الجمل وفيها ذهبت إحدى عينيه، وشهد وقعة صفين فذهبت فيها الأخرى، ويبدو أن ذهاب العين لم يكن كاملا، لأن عديا اشترك في معركة النهروان وعاصر ما بعدها من الأحداث.

 

ولكن العرب يعبّرون عن انقلاب الجفن وما شابهه من العيوب التي تصيب العين ولا تذهب بالبصر كله بالعور، وكان عدي بن حاتم من ألدّ أعداء الإسلام، لأنه هدد زعامته لقبيلته طيء، إلا أنه وبعد إسلام أخته سفانة، وبعدما وصله أن النبي صلى الله عليه وسلم، يتمنى إسلامه ليتعاون معه، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، في السنة السابعه من الهجرة، وكانت وفادته لإستكشاف أمر هذا الرسول الجديد ولم يكن في نيته أن يسلم، ولما وصل المدينة قابل النبى صلى الله عليه وسلم، في مسجده .

 

ولاحظ أنه لا يدعى بالملك أو الزعيم، فعرف أن النبى صلى الله عليه وسلم، لا يسعى للملك أو الزعامة، فأخذه النبى صلى الله عليه وسلم، إلى بيته وهناك حادثه في أمر الإسلام وكان مما قال له النبى صلى الله عليه وسلم ” لعلك يا عدي إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجة المسلمين وفقرهم، فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم، حتى لا يوجد من يأخذه، ولعله يا عدي إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من قلة المسلمين وكثرة عدوهم .

 

فوالله لتوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف إلا الله، ولعله يا عدي إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم، فهم ضعاف، وايم الله لتوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم، وإن كنوز كسرى قد صارت إليهم” وقيل لما ارتد الناس على عهد أبي بكر الصديق، جمع عدي بن حاتم قومه فقال لهم هل لكم إلى أن تجمعوا صدقة أموالكم فآتي بها هذا الرجل، فإن ظفر كنتم قد أخذتم بنصيبكم منه.

 

وإن لم يظفر فأنا ضامن لها أردها عليكم؟ ففعلوا فأتى بها أبا بكر، ولما أسلم عدي بن حاتم أراد أن يرجع إلى بلاده فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتعذر من الزاد ويقول “ما أصبح عند آل محمد سُفة من طعام، ولكنك ترجع ويكون خيرا” فلما قَدم على أبي بكر أعطاه ثلاثين فريضة، فقال عدي يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنت إليها اليوم أحوج، وأنا عنها غني، فقال أبو بكر خذها أيها الرجل، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعذر إليك ويقول “ولكن ترجع ويكون خيرا” فقد رجعت وجاء الله بالخير.

 

فأنا مُنفذ ما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، فأنفذها، فقال عدي آخذها الآن فهي عطيّة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر فذاك، وعاش حتى سنة ثمانيه وستين من الهجره، وشارك في حرب الصحابة، بعد مقتل عثمان بن عفان، وكان إلى جانب علي بن أبي طالب رضى الله عنه، وكان لعديّ بن حاتم أدوار مهمة وركائز عديدة ساهمت في تغيير وجه الأحداث، وكان منها، ثباته هو وقومه وقبيلته طيّء على الإسلام ولم يرتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، في بعض من ارتد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى