مقال

خولة بنت ثعلبة ” جزء 2″

خولة بنت ثعلبة ” جزء 2″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع السيدة خولة بنت ثعلبة، فقد خرجت خولة حتى جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت من زوجها، وهي بذلك تريد أن تستفتيه وتجادله في الأمر، فقالت له “يا رسول الله، إن أوسا من قد عرفت، أبو ولدي، وابن عمي، وأحب الناس إلي، وقد عرفت ما يصيبه من اللمم وعجز مقدرته، وضعف قوته، وعي لسانه، وأحق من عاد عليه أنا بشيء إن وجدته، وأحق من عاد علي بشيء إن وجده هو، وقد قال كلمة والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقا، قال “أنت علي كظهر أمي” فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، “ما أراك إلا قد حرمت عليه” والمرأة المؤمنة تعيد الكلام وتبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ما قد يصيبها وابنها إذا افترقت عن زوجها، وفي كل مرة يقول لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

“ما أراكي إلا قد حرمت عليه” وأزاحت الصحابية الجليلة المؤمنة الصابرة نفسها واتجهت نحو الكعبة المشرفة، ورفعت يديها إلى السماء وفي قلبها حزن وأسى، وفي عينيها دموع وحسرة، قائلة “اللهم إني أشكو إليك شدة وجدي، وما شق علي من فراقه، اللهم أنزل على لسان نبيك ما يكون فيه فرج ” وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها وهي تصف لنا حالة خولة ” فلقد بكيت وبكى من كان منها ومن أهل البيت رحمة لها ورقة عليها” ويذكر انها قالت ان لي صبية صغار ان ضممتهم الي جاعوا وان ضممتهم اليه ضاعوا، وما كادت تفرغ من دعائها حتى تغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما كان يتغشاه عند نزول الوحي، ثم سرى عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا خولة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرأنا”

 

قالت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، “مريه فليعتق رقبة” قالت فقلت يا رسول الله، ما عنده ما يعتق، قال “فليصم شهرين متتابعين” قالت، فقلت والله إنه لشيخ كبير، ما به من صيام، قال “فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر” قالت، فقلت والله يا رسول الله، ما ذاك عنده، قالت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فإنا سنعينه بعرق من تمر” قالت فقلت يا رسول الله، وأنا سأعينه بعرق آخر، قال “قد أصبت وأحسنت، فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرا” قالت ففعلت، فلننظر الى السيده خوله ورأيها السديد في الامتناع عن معاشرة زوجها بعد أن قال أنتى عليّ كظهر أمي، وضرورة معرفة حكم الدين في هذه القضية، وأيضا رأيها السديد في الحرص على مستقبل وتماسك أسرتها، ويتجلى ذلك في قولها.

 

“إن أوسا ظاهر مني، وإنا إن افترقنا هلكنا، وقد نثرت بطني منه، وقدمت صحبته” ورأيها السديد في رفع الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والذي بيده الأمر، ولولا رجاحة عقل خولة، وحكمة تصرفها، وقوة رأيها لقعدت في بيتها تجتر الهموم حتى تهلك هي وأسرتها، ولما كانت سببا في نزول تشريع عظيم يشملها ويشمل المسلمين والمسلمات جميعا إلى يوم القيامة، وهذا التشريع العظيم هو حل مشكلة الظهار، وكان من كلماتها يوم اليرموك، هو أنه قد استقبل النساء من انهزم من سرعان الناس يضربنهم بالخشب والحجارة، وجعلت خولة بنت ثعلبة تقول يا هاربا عن نسوة تقيات، فعن قليل ما ترى سبيات، ولا حصيات ولا رضيات، فالصحابيات تخرجن من مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهن شرف وعزة.

 

وقد نزلت فيهن آيات تتلى آناء الليل وأطراف النهار، وقد تربَّين على حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى الأخلاق العظيمة، وكان من الصحابيات اللواتي نزل فيهن آيات من القرآن الكريم، هى الصحابيه الجليله خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى