مقال

أخو الصدق والعدل ” جزء 6″

أخو الصدق والعدل ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع أخو الصدق والعدل، فالخسارة العظيمة في الدنيا، والعذاب الشديد في الآخرة، وانتشار القتل في المجتمعات التي تنقض عهودها، وتسليط الأعداء عليها، ونيل العذاب الشديد، والفضيحة والخزي يوم القيامة، إذ ينصب لناقض العهد لواء يوم القيامة، ويقال له “هذه غدرة فلان” واعتبار من ينقض عهده بأنه من شرار الخلق عند الله تعالى إذ قرن الله تعالى في مواضع مختلفة من القرآن الكريم بين الكفر ونقض العهد، والدليل قوله تعالى “وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا فى قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين” وكذلك تحريم الطيبات، وهذا ما حصل مع بني إسرائيل عندما نقضوا الميثاق و الضلال عن الطريق المستقيم.

 

فالله تعالى أضل بني إسرائيل عن سواء السبيل وذلك عندما كفروا بالله تعالى، وخانوا ميثاقهم مع الله عز وجل، وإن للوفاء معاني كثيرة، أجملها صديق قلبه يفيض باهتمام لا يجف، واستثمرت فيك بكل ما ملكت من حب، ووفاء، ونقاء، فكانت خسارتي فيك أكبر خساراتي، وإن لسانك موقفك، فلا تهنه، ولا تكثر في وعد لا تستطيع الوفاء به أو وعيد لا يجد ما يدعمه في قدرتك، فإن الذي لا وفاء عنده لإخوانه عند نزول المحن بهم، لا وفاء عنده لأمته عندما تحتاج إليه، وإن الدنيا مسألة حسابية، اطرح منها التعب والشقاء، واجمع لها الحب والوفاء، واترك الباقي لرب السماء، فإنما هي أشياء تعطى ولا تطلب، عفوية الحديث، اهتمام الأحبة، ووفاء الأصدقاء، فإذا جاريت في خلق دنيئا، فأنت ومن تجاريه سواء، رأيت الحُرّ يجتنب المخازي، ويحميه عن الغدر الوفاء.

 

ولقد وردت آيات في كتاب الله تحث على الوفاء بالعهد والوعد، منها قوله سبحانه وتعالى ” ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا” وقال الطبري في تفسير هذه الآية ” وأوفوا بالعقد الذي تعاقدون الناس في الصلح بين أهل الحرب والإسلام، وفيما بينكم أيضا، والبيوع والأشربة والإجارات، وغير ذلك من العقود إِن العهد كان مسؤولا، ويقول إن الله جل ثناؤه سائل ناقض العهد، عن نقضه إياه، يقول فلا تنقضوا العهود الجائزة بينكم، وبين من عاهدتموه أيها الناس فتخفروه، وتغدروا بمن أعطيتموه ذلك وإنما عنى بذلك أن العهد كان مطلوبا، وقال عزوجل فى سورة الرعد “أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما بتذكر أولوا الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق”

 

وقال الشوكاني في تفسير هذه الآية “أي بما عقدوه من العهود فيما بينهم وبين ربهم، أو فيما بينهم وبين العباد ” ولا ينقضون الميثاق” الذي وثقوه على أنفسهم، وأكدوه بالأيمان ونحوها، وهذا تعميم بعد التخصيص لأنه يدخل تحت الميثاق كل ما أوجبه العبد على نفسه، كالنذور ونحوها، ويحتمل أن يكون الأمر بالعكس، فيكون من التخصيص بعد التعميم على أن يراد بالعهد جميع عهود الله، وهي أوامره ونواهيه التي وصى بها عبيده، ويدخل في ذلك الالتزامات التي يلزم بها العبد نفسه، ويراد بالميثاق ما أخذه الله على عباده، حين أخرجهم من صلب آدم في عالم الذر المذكور في قوله سبحانه ” وإذ أخذ ربك من بنى آدم” وقال سبحانه وتعالى فى سورة الفتح ” إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما”

 

ويقول الله تعالى فى سورة المائدة ” يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلى الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد” وقال السعدي “هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالوفاء بالعقود، أي بإكمالها، وإتمامها، وعدم نقضها ونقصها، وهذا شامل للعقود التي بين العبد وبين ربه، من التزام عبوديته، والقيام بها أتم قيام، وعدم الانتقاص من حقوقها شيئا، والتي بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم بطاعته واتباعه، والتي بينه وبين الوالدين والأقارب، ببرهم وصلتهم، وعدم قطيعتهم، والتي بينه وبين أصحابه من القيام بحقوق الصحبة في الغنى والفقر، واليسر والعسر، والتي بينه وبين الخلق من عقود المعاملات، كالبيع والإجارة، ونحوهما، وعقود التبرعات كالهبة ونحوها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى