مقال

صدقة الفطر “جزء 10”

صدقة الفطر “جزء 10”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر من صدقة الفطر، فإن الله أخفى موعدها حتى يجتهد العباد في العشر كلها، وإذا رؤى هلال شوال أو أكملت عدة رمضان ثلاثين شرع تكبير الله كما قال تعالى “ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون” فيبدأ التكبير من ثبوت دخول شوال حتى يدخل الإمام المصلى، وينبغى إظهار التكبير والجهر به فى البيوت والأسواق والطرقات كما فعل الصحابة رضوان الله عليهم، وتنبغى العناية بصلاة العيد فإنها صلاة واجبة مفروضة ومما يدل على أهمية العناية بها أمره صلى الله عليه وسلم النساء بالخروج إليها حتى المرأة الحائض ولكن المعذورة تجلس خلف النساء في المصلى، وإن كانت الصلاة فى المسجد فتجلس خارج المسجد فتسمع التكبير والخطبة والدعاء ولا يجوز للمرأة أن تخرج للصلاة أو لغيرها متبرجة متعطرة.

 

اتباعا للسنة واجتنابا لأسباب الفتنة، ومن سنن يوم عيد الفطر أن يأكل تمرات وترا قبل خروجه إلى الصلاة، ويشرع فى العيدين الفطر والأضحى جميعا أن يخرج إلى الصلاة من طريق وان يعود من طريق آخر، ولأجل ذلك كانت وقفة الصديق أبي بكر رضي الله عنه لما منع الأعراب الزكاة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا أبا بكر، أتريد أن تقاتل العرب؟ قال، فقال أبو بكر إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة” والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقاتلنهم عليه، قال عمر فلما رأيت رأى أبي بكر قد شرح عليه، علمت أنه الحق ”

 

وقد يتعلل أحد الناس بأنه يدفع كثيرا من الضرائب التى تفرضها الدولة، وبالتالي يقوم بخصم نسبة الضرائب من حظ الزكاة، وهذا خلط للأمور، فإن الزكاة حق الفقير في مال الغني، وهو حق ديني مقدس، أما الضرائب فهى حق الدولة، ويشترك في الانتفاع منها كل الناس، المسلم وغير المسلم، والغني والفقير على السواء، فالضرائب لا تنوب عن الزكاة أبدا، وأما عن قضاء الفوائت من الزكاة فإن هناك فريق من الناس ربما أنه نسي الزكاة سنين عددا، فلم يؤدها على حقها، فليتقى الله، وليراجع نفسه، ويخرجها كاملة غير منقوصة بحساب دقيق، قبل أن يعرض على الله تعالى في يوم عظيم، فمن العبادات التي أوجبها الله على المسلمين فى شهر رمضان زكاة الفطر وقد شرعها الله للصائمين تطهيرا للنفس من أدران الشح، وتطهيرا للصائم مما قد يؤثر فيه.

 

وينقص ثوابه من اللغو والرفث، ومواساة للفقراء والمساكين، وإظهارا لشكر نعمة الله تعالى على العبد بإتمام صيام شهر رمضان وقيامه، وفعل ما تيسر من الأعمال الصالحة فيه، وروى أبوداود في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين” وتجب زكاة الفطر على كل مسلم ذكرا كان أو أنثى حرا كان أو عبدا إذا ملك المسلم صاعا زائدا عن حاجته وأهل بيته في يوم العيد وليلته، وروى البخارى ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم “زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، على العبد والحر والذكر، والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة”

 

وإن أخرجها عن الحمل تطوعا فلا بأس بذلك، وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه قال “كنا نعطيها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب” وفي رواية عنه “وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر” وينبغي للمسلم أن يخرج أطيب هذه الأصناف وأنفعها للفقراء والمساكين فلا يخرج الردئ، وذهب أهل العلم أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله إلى أنه يجزئ عن المسلم أن يخرج زكاة الفطر من غير الأصناف المذكورة في حديث أبي سعيد الخدري، ما دامت هذه الأصناف من جنس ما يقتات به أهل البلد مثل الأرز وغيره، والمراد بالصاع الوارد في زكاة الفطر أربعة أمداد، والمد أي ملء كفي الرجل المتوسط اليدين من البر الجيد ونحوه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى