مقال

نبي الله موسي عليه السلام “جزء 5”

نبي الله موسي عليه السلام “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع نبي الله موسي عليه السلام، حيث ضربت لنا مثلا طيبا للبنت المطيعة لأمها وللأخت الفاضلة المحبة لأخيها، وللفتاة الذكية الحكيمة، القادرة على مواجهة المواقف بإيمان وثبات وبحكمة وسرعة بديهة، وكيف كان لها الأثر الكبير في نجاة أخوها موسى عليه السلام، وتجلى ذلك واضحا وهي تقص أثر أخيها في حيطة وحذر، وتتحدث مع آل فرعون في ثبات وحكمة وبلاغة وفطنة، وقد كرّمهما الله عز وجل بهذا العمل وأنزل في شأنهما قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، وقد ذكر أهل العلم أن نبي الله موسى بن عمران عليه السلام، قد تزوج ابنة الشيخ الذي التقى به في مدين، وكان قد تعرف عليها وعلى أختها حين بادرهما المساعدة وسقى لهما الغنم، فذكرتاه بخير أمام والدهما وقد كان شيخا كبيرا، فعرض عليه الشيخ أن يزوجه إحدى ابنتيه.

 

مقابل أن يأجره ثماني سنين فيرعى له الغنم، وبالفعل فقد تزوج نبي الله موسى إحدى الابنتين، وقيل إن اسم زوجة نبى الله موسى عليه السلام، هو صفورا، وقيل صفوريا، وقيل صفوره، وهي إحدى ابنتي الرجل الصالح شعيب عليه السلام الذي عرض الزواج على موسى عليه السلام، واختلف العلماء في نبوّة والدها، فقال الحسن البصري ومالك بن أنس وغيرهما بأنه نبي من أنبياء الله عليهم السلام وهو شعيب وهو القول الأشهر بين أقوال العلماء، وبينما قال ابن كثير وغيره أن الرجل الصالح هو ابن عم نبي الله شعيب أو ابن أخيه، أو أنه رجل صالح من قومه، وذكر ابن عاشور في كتاب التحرير والتنوير أن نبي الله موسى عليه السلام، بعد أن اختار بين الفتاتين فإختار الصغرى، لأنها أرشدته إلى طريق والدها، فعرف منها حيائها وأخلاقها فرجّحها على أختها.

 

ثم تزوجها، وقد أنجبت له غلامين لم يُذكر اسمهما، حملهما وأمّهما بعد انتهاء مدة أجرته للشيخ عائدا بهم إلى مصر، وقد ورد ذكر زوجة موسى عليه السلام، في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى “فجاءته إحداهما تمشى على إستحياء قالت إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا” فذكرها القرآن الكريم بحيائها، وورد تفسير الآية بأن الفتاة جاءت ساترة وجهها حياء، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أنها سترت وجهها بكُم درعها أو كمّ قميصها، وورد أيضا أنها غطت وجهها بكلتا يديها، وورد في تفسير القرآن للطبري من إحدى الروايات أن الفتاة مشت بين يدي موسى عليه السلام، فضربها الريح فبانت عجيزتها، فقال لها موسى عليه السلام امشي خلفي، ودليني على الطريق إن أخطأت، وورد في رواية أخرى أن الفتاة حين أتت على استحياء من موسى عليه السلام.

 

قال لها امشي خلفي وانعتي لي الطريق، وأنا أمشي أمامك، فإنا لا ننظر إلى أدبار النساء، كما أن من أخلاق زوجة نبي الله موسى عليه السلام، برّها بوالدها والسعي إلى مساعدته وتخفيف المسؤوليات والأحمال عنه، فبالرغم من صعوبة رعي الغنم وسقايته، إلا أنها وأختها قمن بأداء العمل عن والديهما ولم يشغلاه به لكبر سنه، وكانت القصه هى إنه لما خرج نبي الله موسى عليه السلام من أرض مصر يريد النجاة من كيد فرعون وجنوده، ولم يكن خروجه جُبنا لأن الأنبياء يستحيل عليهم الجبن، وتوجه عليه السلام إلى أرض مدين ماشيا على قدميه بغير زاد ولا دابة يركبها فكان يأكل ورق الشجر وهذا حال أنبياء الله الصبر عند الشدة والمصيبة والبلاء فلا يعترضون ولا يتسخطون على الله ولا يتخلون عن الدعوة إلى الله، وسار موسى عليه السلام إلى مدين.

 

وظل يمشي مسيرة ثمانية أيام حتى وصل إلى مدين وقد أتعبه الجوع فجلس تحت ظل شجرة فأبصر امرأتين وكانتا أختين ترعيان الأغنام وتريدان سقي أغنامهما من بئر كبيرة وكان الرعاة يسقون مواشيهم من هذه البئر والأختان تحبسان غنمهما عن الشرب من البئر ، لم ذلك ؟ لئلا يختلط غنمهما بغنم الآخرين، فأشفق موسى عليه السلام عليهما، وأشفق نبى الله موسى عليه السلام، عليهما وسألهما عن سبب تعهدهما لرعاية الغنم بأنفسهما فأخبرتاه بإن أباهما شيخ كبير وليس عنده من الأولاد الذكور من يرعى له هذه الأغنام، ثم البئر بعد أن يسقي الرعاة أغنامهم يضعون عليها صخرة كبيرة هذه الصخرة لا يطيق رفعها إلا عشرة رجال فماذا كان من موسى عليه السلام ؟ كان منه أن وضع قوة جسمه التي منّ الله تعالي عليه بها في طاعة ربه، في طاعة خالقه، في طاعة الله المطلع عليه ولا تخفى عليه خافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى