مقال

حول معجزة الإسراء والمعراج ” جزء 4″

حول معجزة الإسراء والمعراج ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع حول معجزة الإسراء والمعراج، ولقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون أول ألفاظ السورة جرم سماوي، أي النجم، وهو إحدى الآيات الكونية التي خلقها الله تعالى، والله سبحانه وتعالى يقسم بسقوط النجم أو أفوله أو انفجاره أو احتراقه، وهو قسم بشيء عظيم إذا فكر فيه الناس، وجاءت الآية الثانية لتؤكد لأهل مكة وقت تنزل القرآن الكريم بين ظهرانيهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي المبعوث فيهم لم يضل ولم يختل ولم يزل، لأنه رسول مختار من قبل الله سبحانه، فلابد وأن ينطق الصدق ويقول الحق ويخبر بما رأى ويحكى ما سمع ويبلغ ما أمر أن يبلغه، وكيف يضل وكيف يزل وهو الأمين على القرآن الكريم كتاب الله تعالى إلى الناس جميعا؟ وإنه الوحي الذي يوحيه الله عز وجل إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.

 

حيث كان يأتيه جبريل عظيم الملائكة عليه السلام به، ويقرئه إياه، وجبريل عليه السلام هذا هو ذو قوة شديدة، وذو حسن ونضارة، وقد “استوى” أي ظهر على صورته الحقيقية لرسول الله الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في “الأفق الأعلى” فاقتربا وكادا أن يتلامسا، ولكن جبريل فارق رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موضع لا تتعداه الملائكة، وقال له إذا تقدمت أي تقدم يا محمد فلو تقدمت أنت لأخترقت، وإذا تقدمت أنا لاحترقت، وبعد عبور هذا الموضع تجلى الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بالإنعامات والتجليات والفيوضات، وأوحى إليه وحيا مباشرا، وكانت الصلاة المعروفة لنا هي ما أوحى الله به، ولقد أقسم الله سبحانه وتعالى، على أن ما يحدث به رسوله صلى الله عليه وسلم بعد عودته من هذه الرحلة هو الحق والصدق.

 

وليس بالكذب، لأنه لم يكذب قط طوال حياته، ولقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات الكبرى لعظمة الله وقدرته المطلقة، وهكذا فى رحلة الطائف فقد بدأ النبى صلى الله عليه وسلم بسادات القوم الذين ينتهي إليهم الأمر، فكلمهم عن الإسلام ودعاهم إلى الله، فردوا عليه ردا قاسيا، وقالوا له اخرج من بلادنا، ولم يكتفوا بهذا الأمر، بل أغروا به سفهاءهم وعبيدهم فتبعوه يسبونه ويصيحون به ويرمونه بالحجارة، فأصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قدميه حتى سالت منها الدماء، وأصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن والتعب ما جعله يسقط على وجهه الشريف، ولم يفق إلا و جبريل قائم عنده، يخبره بأن الله بعث ملك الجبال برسالة يقول فيها إن شئت يا محمد أن أطبق عليهم الأخشبين، فأتى الجواب منه عليه السلام بالعفو عنهم قائلا.

 

“أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا” رواه البخاري، ويستمر أهل الطائف في إيذائه صلى الله عليه وسلم حتى اضطروه إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة من سادات أهل الطائف، فجلس في ظل شجرة يلتمس الراحة والأمن، ثم دعا الله سبحانه وتعالى قائلا” اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربى، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علي غضبك، أو أن ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك” وبعدها تحركت العاطفة في أهل ذلك البستان.

 

فصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأوباش والسفهاء، ثم جاءوا بغلام لهم نصراني يدعى عداس ليعمل على خدمة النبي صلى الله عليه وسلم، فحمل معه قطفا من العنب، فلما وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مد يده إليه وقال “بسم الله” ثم أكل، فقال عداس إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ” من أي البلاد أنت؟ قال أنا نصراني من نينوى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟ قال عداس وما يدريك مايونس؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” ذلك أخي كان نبيا وأنا نبي” فأكب عداس على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدميه يقبلهما، فقال ابنا ربيعة، أحدهما للآخرأما غلامك فقد أفسده عليك، فلما جاء عداس قالا له ويحك ما هذا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى