مقال

والد الرسول عبد الله بن عبد المطلب ” جزء 2″

والد الرسول عبد الله بن عبد المطلب ” جزء 2″

بقلم / محمــد الدكــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع والد الرسول عبد الله بن عبد المطلب، وتخصيص الشام بظهور نوره صلي الله عليه وسلم هو إشارة إلى استقرار دينه وثبوته ببلاد الشام، ولهذا تكون الشام في آخر الزمان معقلا للإسلام وأهله، وبها ينزل نبي الله عيسى بن مريم بدمشق بالمنارة الشرقية البيضاء منها، وفى هذا قال النبى صلى الله عليه وسلم ” لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ” وهم بالشام ” رواه البخاري، وقيل خرج عبد المطلب ومعه ولده عبد الله، وكان أحسن رجل في قريش خُلقا، وخلقا، وكان نور النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم بينا في وجهه وفي رواية أنه كان أحسن رجل رئاء بكسر الراء وبضمها ثم همزة مفتوحة منظرا في قريش، وفي رواية أنه كان أكمل بني أبيه.

 

وأحسنهم وأعفهم، وأحبهم إلى قريش، وقد هدي الله تعالى والده فسماه بأحب الأسماء إلى الله تعالى، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال، قال عبد المطلب إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال احفر طيبة، فقلت وما طيبة؟ فذهب وتركني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال احفر برة، فقلت وما برة فذهب وتركني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني وقال احفر المضنونة، فقلت وما المضنونة؟ فذهب وتركني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال احفر زمزم، فقلت وما زمزم؟ قال لا تنزف، ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل ، وقوله لا تنزف أي بمعني لا يفرغ ماؤها، ولا يلحق قعرها، وفيه أنه ذكر أنه وقع فيها عبد حبشي فمات بها.

 

وانتفخ فنزحت من أجله، ووجدوا قعرها فوجدوا ماءها يفور من ثلاثة أعين، أقواها وأكثرها التي من ناحية الحجر الأسود، وقوله ولا تذم، أي لا توجد قليلة الماء، من قولهم بئر ذمة أي قليلة الماء قيل وليس المراد أنه لا يذمها أحد، لأن خالد بن عبد الله القسري أمير العراق من جهة الوليد بن عبد الملك ذمها وسماها أم جعلان، واحتفر بئرا خارج مكة باسم الوليد بن عبد الملك، وجعل يفضلها على زمزم ويحمل الناس على التبرك بها، وفيه أن هذا جراءة منه على الله تعالى وقلة حياء منه، وهو الذي كان يعلن ويفصح بلعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه على المنبر، فلا عبرة بذمه، وقيل لزمزم طيبة لأنها للطيبين والطيبات من ولد إبراهيم، وقيل لها برة لأنها فاضت للأبرار، وقيل لها المضنونة لأنها ضن بها على غير المؤمنين، فلا يتضلع منها منافق.

 

وقد جاء في رواية ” يقول الله تعالى ضننت بها على الناس إلا عليك ” ولعل المراد إلا على أتباعك، فيكون بمعنى ما قبله، وفي رواية أنه قيل لعبد المطلب احفر زمزم، ولم يذكر له علامتها فجاء إلى قومه وقال لهم إني قد أمرت أن أحفر زمزم، قالوا فهل بين لك أين هي؟ قال لا، قالوا فارجع إلى مضجعك الذي رأيت فيه ما رأيت، فإن يكن حقا من الله تعالى بين لك، وإن يكن من الشيطان فلن يعود إليك، فرجع عبد المطلب إلى مضجعه فنام فيه فأتاه فقال احفر زمزم إنك إن حفرتها لن تندم، وهي ميراث من أبيك الأعظم، لا تنزف أبدا ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، فقال عبد المطلب أين هي؟ فقال هي بين الفرث والدم، عند قرية النمل حيث ينقر الغراب الأعصم غدا، أي والأعصم، قيل أحمر المنقار والرجلين، وقيل أبيض البطن، وقيل الأعصم أبيض الجناحين،

 

وقيل أبيض إحدى الرجلين، فلما كان الغد ذهب عبد المطلب وولده الحارث ليس له ولد غيره، فوجد قرية النمل، ووجد الغراب ينقرعندها بين الفرث والدم أي في محلهما وذلك بين إساف ونائلة وهم صنمين فى قريش وقيل أن قريشا كانت تذبح عندهما ذبائحها أي التي كانت تتقرب بها، وهذا يبعد ما جاء في رواية أنه لما قام بحفرها رأى ما رسم له من قرية النمل ونقرة الغراب، ولم ير الفرث والدم فبينما هو كذلك ندت بقرة من ذابحها فلم يدركها حتى دخلت المسجد فنحرها في الموضع الذي رسم له، وقد يقال لا يبعد لأنه يجوز أن يكون فهم أن يكون الفرث والدم موجودين بالفعل فلا يلزم من كون المحل المذكور محلهما وجودهما فيه في ذلك الوقت، فلم يكتف بنقرة الغراب في محلهما، فأرسل الله تعالي له تلك البقرة ليرى الأمر عيانا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى